عنوان الدّرس: بين التقليد والتجديد (العصر الجاهلي)
لقاء تزامني: مدّته ساعة كاملة
المرحلة: المتوسّطة (الصّفّ العاشر)
الفئة العمريّة: 15 سنة
عدد الطّلاّب: 9 طلاّب
اسم الدّولة: لبنان
اسم المدينة: عرمون/ مدرسة الحياة الدّوليّة
نبذة عن الميسرة:
اسمي أستاذة غريس الخانجي أعمل كمدرسة لغة عربيّة للصفوف المتوسّطة الثالثة والرابعة والخامسة في مدرسة الحياة الدوليّة، أعشق مهنتي كمدرّسة، تحاول جعل رحلة التعليم بالنسبة للمتعلّم رحلة ماتعة، بعيدة عن الخوف، والشعور بالنقص تجاه أيّ رقم يسجّله المعلّم ضدّ المتعلم في سجلّه، يكون سببًا في ترك المدرسة، أو التعثّر أثناء الانتقال من مرحلة إلى أخرى فعلى المعلّم أن يزوّد المتعلّم بذكرى رائعة حول رحلته التعلمية، يعيش أثرها من خلال طريقة معاملته لمن حوله، ومدى تأثّرهم بفكره.
ـ نبذة عن المتعلّمين:
كون المدرسة تعتمد منهج البكالوريا الدّوليّة، فالتّنوع في شخصيّات المتعلمين كان حاضرًا، سواءا أكان على صعيد الهوية والفكر(الجنسيات مختلفة عربيّة وغير عربيّة) أو على صعيد الفروقات التعلّميّة.
ـ نشاط قبل الافتتاح: عطفًا عمّا سبق كان لابدّ من التعرّف على المتعلّمين من خلال نشاط (حوار عبر الأثير) وهو عبارة عن شاشة تلفاز مجهّزة مسبقًا من قبل الميسرة، بالإضافة إلى كتابة مجموعة من الأسئلة مكتوبة على قصاصات ورق ومطوية توزع على المتعلّمين بطريقة عشوائيّة كل متعلّم سؤالين، ومن ثم يجلس المتعلمون بطريقة ثنائيّة متوازية أمام بعضهم البعض بحيث تمرّر شاشة التلفاز من الجهة اليمنى وعندما يصبح رأس المتعلم داخل الشاشة يكشف ورقته ويطرح سؤاله على زميله الموازي له في الجهة المقابلة، بحيث يتعرّف المتعلمون على بعضهم، تنتقل الشاشة تلقائيًّا من متعلّم إلى آخر وتُستكمل طريقة طرح الأسئلة حتّى إنهاء الجهة اليمنى فتنتقل الشاشة إلى الجهة اليسرى وتُعاد التجربة، وبهذا يكون جميع المتعلّمين قد شاركوا في هذا النشاط وتعرفوا على بعضهم، من خلال الأسئلة المطروحة (اسمه بالكامل، عمره، هواياته، الطعام المفضل له، الرياضة المفضلة، اللاعب، المادّة الدراسيّة المفضّلة و…..) سجّلت كميسّرة ملاحظاتي حول ما يجري (أراقب وأتعرّف على المتعلّم) فتعرفت على من يستطيع أن يعبّر عن نفسه بطلاقة ومن لا يستطيع ،كما تعرفت على الخجول من الجريء،من يستطيع أن يسلسل أفكاره بطريقة يستطيع المتلقي فهم المقصود منه.
ـ وصف تجربة المعايشة: (مرغوب: تفاعليّ) (غير مرغوب:الخوف من عدم حفظ الأبيات لصعوبة لفظها واختلاف بيئتها، مملّة، مقلقة).
بعدما وقفنا أمام تحدٍّ كبير في شرح درس عن أثر البيئة على المجتمع في العصر الجاهلي وما يترتّب عليها من عادات وتقاليد خضعوا لها وبما أنَّ المتعلّمين من بيئات وجنسيات مختلفة منها العربيّة وغير العربيّة، وبما أنّنا نتبع نظام البكالوريا الدوليّة ، كان لا بُدَّ من وضع خطّة تلائم شخصيّة متعلّم البكالوريا الدّوليّة، إلى أن تعرّفت على إطارFIRST-ADLX الذي جعل من هذه الرّحلة تجربة فريدة عميقة نشطة تركت أثرًا مستدامًا راسخًا في قلوبهم وعقولهم، وتمّ تطبيق هذه التّجربة لأنّها كانت مناسبة لما تتطلّبه البئية المدرسيّة التي انتمي إليها، ومن خلال إطار FIRST-ADLX خضت لتجربة المعايشة بنجاح.
ـ مخرجات التعلّم:
وجداني:
-على المتعلّم أن يستشعرالبيئة الجاهليّة بعاداتها وتقاليدها التي كانت سائدة وأثر ذلك على مرّ السنين.
-على المتعلم أن يصبح قادرا على أن يثق بنفسه كونه من جذور عربية عريقة لها أصول راسخة يُعتزُّ بها.
مهاري:
-على المتعلم أن يعبّر عن نفسه بطريقة تواصليّة صحيحة.
ـ على المتعلم أن يصبح أكثر انفتاحا على الثقافات والتقاليد والعادات وتقبّلها والعمل بما يتناسب مع عروبته وترك ما لا يناسبه.
معرفي:
ـ على المتعلم أن يتعرّف على البيئة الجاهلية.
ـ يميّز بين العادات والتقاليد.
ـ يعرف مدى تأثر البيئة الجاهلية على الحياة والمجتمع آنذاك وانعكاس ذلك على ابن البيئة في بناء شخصيته وقساوة لفظه.
-Focusing on Learnerrrrr Behaviors (التركيز على المتعلم):
في هذه المرحلة الدّقيقة بسبب التنوّع في شخصيات ومستويات الطلاّب الفكريّة كان لا بدّ من العمل على كل طالب على حِدى فأسندت مهمّة التعريف بالعصر إلى طالبة تتبع المنهج اللبناني، فوضعت تعريفًا مناسبًا والطالبة الثانية تتبع المنهج اللبناني أيضًا أوكلت لها تعريفا بالشاعر عنترة، استطاعت من خلاله تعزيز ثقتها التي اكتشفتها أثناء عمل نشاط قبل الافتتاح بأنهّا لا تستطيع التحدّث والوقوف أمام الجمهوربسبب تلعثمها بالفصحى خاصّةً، وهذا الأمر تبدّد لحظة وقوفها لأنّني جعلتها تنتقي كلمات التعريف بما تراه مناسبًا للفظها ممّا يجعل انسياب الكلام منها أكثر سهولةً أمّا الطالبة الّتي كانت تخجل التعبير عن نفسها وتخاف المواجهة كونها من جنسية غير عربيّة وبعد التحدذث إليها طلبتُ منها أن تختار ما بين المشاركة في لعب دور أو التعريف بإمرىء القيس، فقد اختارت للوهلة الأولى المشاركة في لعب دور ثانوي في المشهد المسرحي، فهي لن تظهر ولن يُسلّط عليها الضّوء، ونزولاً على رغبتها وافقتها، إلاّ أنّها عادت وطلبت منّي خوض التجربة في الإلقاء منفردة بعدما أشرت إلى قدرارتها التي ما زالت لا تستخدم منها إلا الشيء القليل ومنها الكاريزما التي تتمتع فيها عند الإجابة وهي تحاول إقناع من أمامها في الردّ عن أسئلة موجّهة نحوها داخل الصّفّ، فلنعتبر أن من سيشاهدها أطرافًا من صفّها! وكان ذلك ونجحت في التّخلّص من خجلها أمام الجماهير، أمّا الطالب الّذي يتمتع بجنسية أجنبيّة ولديه قدرة مقبولة في الحفظ نوعًا ما، حيث أنّ اِهتماماته كانت تصب في غير مجرى العربيّة، كان لي معه جلسةً مطوّلة إذ إنّه يتمتع ببنية عريضة وطويلة تشبه بنية عنترة الشاعر العبسي بالاضافة إلى اتّصافه بالشجاعة والدّفاع عن الحقو، طلبت إليه أن يحاول تجسيد دور عنترة وهو يدافع عن نساء قبيلته أعجبته الفكرة مع تردّدٍ واضح، إلا أن هذا التردّد تبدّد بعدما أسندت إليه الحوار وجسّد شخصية عنترة في تجارب الأداء قبل العرض النهائي، وكان بين الطلاّب طالب لديه قدرة حفظيّة بسيطة ، وكان عليه أن يحفظ كباقي أقرانه أبياتًا لعنترة ولامرىء القيس بحسب ما يتطلّبه المحور، فعمدت إلى إسناد شخصيّة امرىء القيس له لأنّه يحب التمثيل ولكن لا يحب الحفظ وبما أن المشهد يتطلّب منه حفظ عدّة أبيات للملك الضليل، والحمدلله أتم حفظ الأبيات لحبّه بالتّمثيل وتذللت لديه هذه العقبة وأجاد في الحفظ والتمثيل.
بعدها عقدنا اجتماعًا مصغّرًا في الصّفّ رسمنا خلاله الخطوات التي سنقوم بها بحذافيرها قبل العرض واستضافة من سيشاهدهم، وقبل الموعد المحدد عمد طالب يتمتع بحسّ إبداعي إلى عمل رسالة دعوة تشابه الرسائل القديمة حيث جهّز أوراقًا وكتب عليها كبطاقة دعوة ، وانطلق كل طالب إلى جهة معيّنة في المدرسة سلّم بطاقته بدءًا من رئاسة المدرسة ومديرة المنهاج والمنسقات وبعض الصفوف والمعلمات الذين لبّوا الدعوة داعمين الطلاب بكل ما لديهم .
ـ Interacting within Positive Group Dynamics (التفاعل الإيجابي أثناء تجربة المعايشة):
لا أستطيع أن أصف المرحلة التي مرّ بها الطّلاّب من العمل المسؤول والتعاون فكل طالب منهم كان داعمًا لرفيقه منهم من كان يساند رفيقه في الحفظ ومنهم من يعاونه في طريقة جمع المعلومات والإلمام بالعصر الجاهلي والبيئة الاجتماعية، فقد كرّستُ لهم ساعة للبحث عبر الانترنت عن كل ما يتعلق بالعصر فلم نعد محدودين بما يتطلّبه المنهج ، بل أصبحوا شغوفين لمعرفة المزيد وهذا ما كنت أسعى إليه مع طلابي أن لا تحدهم ورقة أو درس بل يوسعوا مداركهم بمعلومات إضافية ترسخ في أذهانهم مدى الحياة وقد حقّقت التغذية الراجعة من خلالهم بجمعهم لكل صغيرة وكبيرة عن العصر الجاهلي .
– مراجعة وتأمل الأنشطة Reviewing Activities within RAR:
ـ تطبيق نموذج RAR:
1ـ زيادة الجاهزية Readiness Increase:
مستوى الطاقة: متوسطة
ـ تحقّق ذلك من خلال تهيئة نفسية المتعلّمين لما سيقومون به لاحقًا، بحيث تمّ عرض شرائح على اللوح التفاعلي عرّف بالمجتمع الجاهلي ومدى تأثر الإنسان بهذه البيئة التي ولّدت العصبية القبيليّة، الشجاعة، إغاثة الملهوف،، الفروسية ، فعاش قلقًا على مأكله ومشربه ومأواه ،باحثًا عن الأمان محاولاً نزع هواجسه من سطو قبيلة من القبائل عليه وعلى قبيلته، الأمر الذي أدّى إلى تبلور شخصيته المتناقضة في كلّ شيء حتّى بان ذلك في قصائده وأشعاره أمثال عنترة وامرىء القيس.
ـ بعد مناقشة بيني وبين المتعلمين ومقارنة بين عصرنا ومدى السهولة التي باستطاعتنا الحصول على ما نريده وبين صعوبة وشظف العيش للوصول إلى أدنى مقومات الحياة وهو الماء على سبيل المثال لا الحصر في العصر الجاهلي.طرحت على المتعلمين أن تكون هذه الرحلة استثنائيّة، فتحوّل القلق غير المرغوب لديهم إلى أمر ممتع، حينها طلبت منهم الاقتراب في وضعٍ دائري لمعرفة الاستثناء في هذه الرحلة!وعند اقترابهم وضعت رأسي بين رؤوسهم كمدرب الكرة الذي يعطي تعليماته للفريق وأخبرتهم بأنّنا سنقوم بتحويل البيئة الصفيّة وجعلها أقرب ما تكون بالبيئة الجاهلية( كان كنشاط منشّط)، في تلك اللحظة رأيت الحماسة والدهشة والخوف من المجهول يسيطر على أغلبهم كون البعض لا يحبذ العمل الفريقي ويهوى الانطواء، إلا أن ذلك لم يمنع من محاولة التجربة كون أغلبهم أبدى استعدادًا جميلا لهذه الرحلة وكانت فعلا..
ـ تيسير النشاط Activity Facilitation:
ـ كان لا بدّ من تحويل البيئة الصفيّة إلى ما يقارب البيئة الجاهلية .فطلبنا من مدير العمليات في المدرسة إنشاء خيمة داخل الصف بالإضافة إلى قماش الجصّ(الخيش) لنصب الخيمة وبئر خشبي وأوراق وأدوات تساعد في تزيين البيئة الصفيّة وقد لبّوا الطّلب بسرعة وكانوا كالجنود التي تعمل في الخفاء ، بعدها أحضر كل متعلم أدوات وأغراض توحي بالعصر الهدف كمشاركة فعّالة في الصف ومن ثم شاركت المتعلمين أدوارًا متنوعة يجسدون من خلالها شخصية عنترة في شجاعته ودفاعه ونصرته للمظلمومين تارةً وتارة أخرى يجسدون شخصية امرىء القيس وقصة تسميته بالملك الضليل أو ذي القروح.
– المراجعة والتأمل النشط Reviewing Actively:
عملت على تحقيق المراجعة النشطة خلال التدريب على النشاط المسرحي ، فكنت أعمل على سحب المعلومات منهم أثناء التدريب ،أسأل عن التعربف بشعراء العصر والبيئة الجاهلية وكيف أثّرت هذه البيئة بالمجتمع الجاهلي وما تولّد عنه، وصولاً إلى مقارنة بين عصرنا والعصر الجاهلي، حتى عاش الطلاب هذا العصر وكأنه حاضر أمامهم وذلك عن طريق التأمّل في لحظات الهدوء قبل العرض بطرح الأسئلة عليهم والمناقشة الفعالة.
وقت العرض
وحان وقت العرض الذي انتظرناه طيلة النشاط ليرسموا من خلاله وليسطروا مجد العرب ويجددوا فينا قيمًا وصفات التي قال عنها النبي صل الله عليه وسلم (إنّما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) فالمجتمع الجاهلي كان خيرَ حاضنة للتشريع الإسلامي وتجلّى ذلك في قول النبي صلّ الله عليه وسلّم (خياركم في الجاهليّة خياركم في الإسلام) معنى ذلك أنّ القيم السامية كانت قبل بعثة النبي صل الله عليه وسلّم موجودة، فقد كان عنترة يقول: وأغضّ طرفي ما بدت لي جارتي حتّى يوارى جارتي أواها.
انطلاقًا من هذا كلّه كانت فكرة هذا العمل المبارك الذي تكلّل نجاحه بدعم ٍ من إدارة المدرسة التي تسعى جاهدةً لدعم الإبداع وصقل مواهب أبنائها وتوفير السُّبل للتميّز وترك الأثر الطّيّب.
ـ كان ردّ فعل المتعلمين على تطبيق مجالات FIRST-ADLX رائعة بحسب قولهم لأنهم استطاعوا الولوج في محور كانوا يتوجسون منه خيفةً وقلقًا من حفظ الأشعار ذات الألفاظ الصعبة وفهم كل ما يتعلّق به بشكل انسيابي مريح لم يشعروا خلاله بصعوبة في أي مرحلة من مراحل تطبيقه.
ـ أما ردود فعل من حضر من الإدارة والمعلمات والطلاب كانت جميلة فمنهم من قال (أنتم جعلتونا نعيش العصر وكأننّا حاضرون في ذاك العصر فقد رافقت المشهد المسرحي موسيقى تناسب العصر ورائحة البخور الذي نشرتوه في المكان بالاضافة إلى القهوة العربية التي قدمتوها لنا مع التمر وطبق الكبسة الذي حضرتموه مسبقًا، لقد سيطرتم على حواسنا فقبعنا نحاول عدم رمش العيون كي لا يفوتنا لحظة رائعة قدمتوها).