خلال عملي كمصمم محتوى تعليمي، تعرضت لمختلف أنواع الموضوعات وأنواع التصميمات التعلمية، ومن خلال دراستي لمفهوم التصميم وأدواته ونظرياته، استطعت أن أصمم العديد من الرحلات التعلمية في أشكالها المختلفة، كرحلات قائمة على ذاتية المتعلم أو رحلات مباشرة في الفصول الدراسية.
ولكن كان يقابلني تحدي شخصي لأكثر من عام، وهو أنني أعجز عن تحديد نوع الأنشطة المناسب للمتعلمين خلال تصميم البرنامج التعليمي، رغم علمي وفهمي لأهمية مراعاة وجود صفة “التفاعلية” في تصميم المحتوى التعليمي، وأن يكون قائمًا على احتياجات المتعلم.
كانت تتردد في ذهني الكثير من الأسئلة التي تصيبني بالحيرة والتردد وتستهلك مني الكثير من الوقت والجهد أثناء التصميم، ومنها:
هل تقسيم المحتوى مناسب؟
هل الأنشطة مناسبة للمتعلمين؟
متى أحدد ميعاد الاستراحة؟ وكيف أعرف القدرة الاستيعابية المناسبة للمتعلم؟
متى يجب أن أبدأ بعملية التقييم؟
وغيرها العديد من الأسئلة الأساسية، فبالرغم من قدرتي على الإبداع وإيجاد الأنشطة التّفاعلية استمرت هذه التساؤلات تراودني الى أن عايشت إطار فيرست واطلعت على خريطة الرؤية الشاملة، وبدأت بتطبيق ما تعلمته في تصميمي وتيسيري للرحلات التعلمية.
وإليكم تصميم خريطة الرؤية الشاملة الخاصة برحلة تدريب الطاقم الطبي (قسم التمريض) في برنامج Levis
الوضع الحالي:
- شخصية المتعلمين
- قمت بجمع المعلومات عن المتعلمين بما فيها البيانات الديموغرافية:
- العدد: بين 8 و10 متعلمين (تغيب البعض في بعض اللقاءات بسبب ظروف العمل)
- النوع: مختلط (ذكور وإناث)
- الفئة العمريّة: بين ال 35 وال40 عاماً
- العمل: ممرضون وممرضات يشاركون في رحلة تعلّم للمرّة الأولى
- المؤسسة: انتمى المتعلمون الى ثلاث مؤسسات مختلفة
- البلد: جمهورية مصر العربية
ولم اكتفِ بالبيانات الديموغرافية لجمع معلومات عن المتعلمين، بل أنني صممت لقاءً أولي بثلاث أهداف رئيسية:
1- التعارف والتفاعل وكسر الجليد
2- جمع معلومات حول أبرز التحديات التي يواجهها المتعلمون في حياتهم اليومية فيما يتعلق بالأفكار الشائعة الموروثة والمفاهيم المغلوطة حول العديد من الأمراض.
3- تحديد المخرجات الأساسية التي يجب أن أصمم لها بالاستناد إلى المعلومات والقصص التي يشاركها المتعلمون.
وكان اللقاء الأول أشبه بلقاء بين الأصدقاء، فلم أقم بتصميم أنشطة معقدة بل تبادلنا أطراف الحديث بودّ واكتفيت بمجموعة من الأسئلة طرحتها على المتعلمين لسحب ما أحتاجه من معلومات، فدعوتهم للتعريف عن أنفسهم ومشاركة أسمائهم وسنوات خبراتهم والمؤسسات التي يعملون فيها، وطلبت منهم مشاركة قصص لطيفة حصلت معهم وطرق تعاملهم مع هذه المواقف، كما سألتهم عن بعض المفاهيم المغلوطة الموروثة التي سمعوها من المرضى وسحبت طرق تعاملهم معها أو ما فعلوه لتصحيحها. وكذلك قمت بتقييم قبلي لما يعرفون عن الأمراض غير المعدية فسألتهم عن المواد الجامعية المتعلقة بهذه الأمراض أو الحالات التي درسوها خلال مراحل الدراسة وأبرز ما يتذكروه من معلومات، على سبيل المثال، عندما ذكر أحد المتعلمين قصة رفض أحد كبار السن لتناول دواء لمعالجة ضغط الدم لاعتقاده بأنها مؤذية، سحبت أسباب هذه المعتقدات وطريقة التعامل معها.
وحرصاً مني على تحليل الوضع الحالي بشكل دقيق، قمت بتسجيل اللقاء واستخرجت منه النقاط التالية:
يرى المتعلمون:
- الناس من حولهم وتعاملهم معهم كأنهم آلات لا تتعب
- كبار السن بمعتقداتهم التي لا يقبلون النقاش فيها
- أناس من مختلف البيئات والمعتقدات وبأفكار مختلفة وأنماط تفكير متنوعة
- عائلات متعصبة لمعتقداتها وأفكارها
- زملاء مرهقين لا يملكون الوقت ولا الطاقة للكلام
يسمع المتعلمون:
- مرضى تقول: تعوّد أهلي على القيام بذلك
- مرضى تقول: لا أؤمن بفعالية اللقاحات والأدوية
- رؤساء أقسام تقول: عملكم يتطلب الجاهزية على مدار الساعة
- الناس من حولهم تقول: وظيفتكم مرهقة فأنتم مسؤولون عن صحة المرضى
يشعر المتعلمون:
- بالإرهاق لأنهم يضطرون في كثير من الأحيان للعمل لفترتين زمنيتين متلاحقتين
- بالتعب والملل من الإجابة على الكثير من الأسئلة غير الضرورية (أسئلة يسألها المرضى عن حالات معينة ويناقشون فيها أفكار مغلوطة يؤمن بها مجتمعهم ويرفض قبول نقيضها)
- بالإحراج والإرباك أثناء التطرق إلى مواضيع تعتبر حساسة في مجتمعاتنا
- بالكثير من الضغط النفسي.
يفكر المتعلمون:
- بحاجتهم للسيطرة على الإحراج والخجل ونقل المعلومات بشكل دقيق وتفصيل مناسب للمريض مراعاةً لسنه وبيئته ومعتقداته
- بحاجتهم للتواصل مع زملائهم بشكل أكبر لمناقشة المشاكل والحلول
يفعل ويقول المتعلمون:
- يتفادون التطرق إلى بعض الأمور المحرجة بشكل مباشر
- يقولون إنهم ليسوا آلات ولا روبوتات
- يقولون ليس من حقنا طلب فرصة للراحة فوظيفتنا تتطلب الالتزام على مدار السّاعة
أبرز ما يواجهونه من تحديّات:
- مناقشة بعض المواضيع التي تعتبر حساسة وخاصة في مجتمعاتنا العربية كالنظافة الشخصية قبل وبعد عملية جراحية ما والأمراض السرطانية والكشف المبكر عن بعض أنواع السرطان والصحة الانجابية وغيرها.
- الإجابة على الكثير من الأسئلة التي قد تكون غير منطقية (عادات ومعتقدات موروثة)
أبرز احتياجاتهم ورغباتهم:
- بحاجة لإفراغ هذا الضغط النفسي
- بحاجة لفترة نقاهة واستراحة
- بحاجة للتحدث في التحديات وتبادل الحلول والخبرات
- بحاجة لتعلم كيف يتعاملون مع الفئات العمرية الكبيرة وما لديهم من مفاهيم ومعتقدات مغلوطة
وصف تجربة المعايشة:
فقد قمت بتصميم الأوصاف المرغوب فيها وغير المرغوب فيها لتجربة معايشة المتعلم خلال الرحلة الكلية
الأوصاف المرغوب فيها
- تطويرية
- مؤثرة
- مثمرة
- تحفيزية
- فعالة
- ممتعة
الأوصاف غير المرغوب فيها
– مملة
– مثقلة بالروتين
– محبطة
– عديمة الفائدة
– بلا جدوى
– لا تحفز
– غير فعالة.
بيئة المعايشة:
مدة الرحلة الكلية: أسبوعان
عدد اللقاءات المتزامنة: 7
- لقاء تعريفي لمدة ساعة
- 4 لقاءات تعلم لمدة ساعتين ونصف تناولت أربع مواضيع مختلفة: الصحة الإنجابية، النظافة الشخصية، الأمراض المعدية، وسرطان الثدي. امتدت لأربع ساعات بسبب الحاجة الى إعطاء استراحات متكررة تلبية لضرورة انصراف البعض الى عمل طارئ أو لمعالجة حالة مرضية طارئة.
- لقاء خامس: لمناقشة أهمية التواصل، التحديات، والحلول
- لقاء أخير: لقاء مراجعة وتحضير لحملة توعية والاحتفال
- تفاعلات غير متزامنة على مجموعات الواتس اب والتي تضمنت
-
تفاعل قبل اللقاء التعريفي
- 4 مواد تعليمية يتم إرسال كل منها بعد كل من اللقاءات المتزامنة.
- مهمة يتم إرسالها بعد كل لقاء.