عندما يصبح المتعلم هو المصمم والميسر لرحلة تعلمه
بعد النجاح الذي حققه إطار FIRST-ADLX على مستويي التصميم والتيسير، ظهر سؤال جديد ” ماذا أفعل عندما أحضر تدريب أو رحلة تعلم غير مصممة على هذا الإطار أو في حالة ان الميسر لا يدري شيء عنه؟” سألت نفسي ذلك السؤال عندما وجدتني أحضر محاضرات ودروس مع علماء أصحاب علم عظيم لكنهم لا يدرون عن وجود إطار FIRST-ADLX في الأساس، وجدتني بحاجة لأن أطبقه على رحلتي أنا في التعلم سواء معهم داخل هذه الدروس أو في رحلة تعلمي في الحياة بشكل عام.
بدأت بأول محور وهو التركيز على المتعلم الذي ألعب دوره في هذه الرواية؛ وجدت أنه يجب علي أن أركز على نفسي ولا أقارنها بأحد وأقر أن احتياجاتي من هذه الرحلة تختلف بشكل كبير عن احتياجات الأخرين وإن تقاطعت مع البعض، كما أن طريقة تعلمي وقدرتي على الاستيعاب مختلفة عن الأخرين فكان يجب أن أهتم بما يخصني أنا كفرد وأعيد ترتيب هذه الأمور بما يناسبني أنا كمتعلم، ليس بما يجب أن يكون لكي أستفيد منها بأكبر شكل ممكن؛ هذا جعلني طوال فترة الدروس من حين إلى أخر أن أسأل نفسي مدى استيعابي لما أدرس ومدى استفادتي منه؟ كان يجب أن أثق في قدراتي كمتعلم وفي أن أسئلتي مهما كانت تبدو بسيطة فهي مهمة بالنسبة لي، وأن لدي ما أقدمه للأخرين وهو نابع من خبراتي السابقة مهما كانت بسيطة لأن لكل منا رحلته الخاصة الفريدة ولديه بالتأكيد ما ينفع به غيره.
ولأننا أناس، فنحن بالفطرة نميل إلى الجماعة وهنا تجلى أثر و أهمية المحور الثاني: التفاعل إيجابياً أثناء تجربة المعايشة، بالتأكيد التعلم الفردي له مميزات ولكن تفاعلنا مع الآخرين وتبادلنا معهم الأفكار والخبرات أضفى على الدروس والمحاضرات ثراءً وغنىً على التجربة؛ فقد جعلنا نتعلم من خلال الحدث الاجتماعي نفسه في ساعات معدودة من الخبرات ما كان من الممكن أن نقضي سنوات لنتعلمه، فأخذنا خلاصة تجارب لم يكن علينا بالضرورة أن نمر بها. كما أن وجود الصحبة المناسبة في التعلم تكون داعمة للتحفيز والانتباه وساعدتني دائماً في التغلب على العديد من العقبات، فابحث عنها واحرص عليها.
وجود هذه الصحبة في إطار من المرح والإيجابية قد زاد من عمق و أثر تجربة المعايشة. و لأن حالتنا النفسية تؤثر بشكل إيجابي في عملية تعلمنا لذلك عندما نتعلم علينا أن نكون متفائلين إيجابيين لأننا إذا كنا نشعر بالاكتئاب أو التوتر أو بعدم الارتياح فلن نكون قادرين على التعلم لذلك كان علي دوماً مراقبة أفكاري قدر المستطاع وتحويل الأفكار السلبية الى إيجابية داعمة و استعنت في ذلك برفقاء الرحلة.
كما أن من أهم ما يطرحه المحور الثاني هو أنه ” لا يتعلم المتعلم إلا إذا أرد أن يتعلم ” فابحث دوماً على ما يثير اهتمامك وشغفك بخصوص ما تدرس، فلكي تتعلم لابد أن يكون ما تتعلمه ذو أهمية وقيمة عالية بالنسبة إليك، فتذكير نفسي دوماً بقيمة ما اتعلمه كان يحفزني دوما على التعلم وتخطي التحديات التي أواجهها.
من أكثر المحاور التي أفادتني هو المحور الثالث: مراجعة الانشطة الذي يتحدث عنها نموذج RAR. تعلمت منه قبل أن أبدأ في أي خطوة في عملية تعلم أن أتأكد بأنني مستعدة لها (نفسياً – عقلياً – جسدياً -مادياً– روحياً) وهذا ما يطلق عليه عامل الجاهزية.
أسأل عن التفاصيل والمعلومات التي تهمني معرفتها، أتأكد من أني مستعدة للقيام بهذه الرحلة وأوفر لنفسي البيئة التي تساعدني وتدعمني على استكمال هذه الرحلة على قدر استطاعتي. علمني أيضا هذا النموذج أن أعيش كل نشاط في الرحلة بكل تفاصيلها دون أحكام مسبقة أو محاولة استنتاج ماذا سيأتي لاحقا أو لماذا افعل ذلك حتى لا أفقد إحساسي واستمتاعي بالتجربة، ولكنه لم ينته بعد، ففي آخر مراحله يأتي حقا التعلم عندما أعطي لنفسي فرصة للتفكر ولمراجعة النشاط فيما حدث وماذا استفدت وكيف سيغيير ذلك نظرتي وتعاملي مع الأمور. مراجعة الأنشطة المستفادة في هذا الإطار الاجتماعي يعطينا فرصة ذهبية للاستماع للأخرين لأنهم أوقات كثيرة يستطيعون صياغة أمور مهمة بالنسبة لنا ولكننا لم نستطع الإمساك بها. ثم تأتي أهم خطوة على الأطلاق و هي: تدوين هذه النقاط لأننا دوماً سنحتاج أن نعيد قراءتها من وقت إلى أخر، فهذا علم وقيده الكتابة.
وجود تسلسل منطقي لما يتم تعلمه يعتبر من أهم النقاط التي تساعدنا على التعلم لذلك كان علي دوما أن أبحث عن تسلسل منطقي للأمور بالنسبة إلي وأجعلها موضوعية و متسلسلة او سلسة و مرتبة بشكل واضح غير غامض و عندما كنت أعجز عن فعل ذلك كنت اسال عن السبب في ذلك التسلسل ودوما معرفتي للإجابة كانت تساعدني على ترتيب أفكاري وبناء مخطط للدروس المستفادة بذهني، جعلني أيضاً أحرص على أن أتعلمها بأكثر من طريقة وبأكثر من اسلوب وشكل وفي أوقات مختلفة وربطها ببعضها البعض وهذا ما يحرص عليه المحور الرابع الخاص بالتسلسل والانسيابية.
ما يجعل إطار FIRST-ADLX مميز ومؤثر في الحياة العملية أن فلسفة المحور الخامس وهو تحويل التعلم إلى أداء واقعي ملموس هو أن عملية التعلم لا تتوقف بعد انتهاء الدرس ولكنك تنطلق من الدرس وتتدرب على ما ستواجهه لاحقا و هذا يجعلني دوماً أفكر في دروسي وماذا سأمارس بعد أن أخرج من الدرس وهل علي أن أمارس شيءً ما هنا أولا لكي استطيع فعلها بمفردي لاحقاً؟ وعندما أجد الإجابة بنعم أطلب من معلمي أن أمارس ذلك أمامه لتقييمي و يوجهني قبل خروجي للحياة. ربط مراحل عملية التعلم ببعضها البعض وبالحياة وانعكاسها على الحياة العملية، وفكرة أنى أبحث عن خبير في هذا المجال أعود إليه لسؤاله وأتابع معه تطبيقي لما تعلمته في سياقات مختلفة، كل ذلك جعل ما أتعلمه يتشابك مع معرفتي وتجاربي السابقة و يصبح جزء من حياتي اليومية ولذلك أصبحت عملية التعلم لا تتوقف عند انتهاء الدرس.
فاكتشفت أن هناك دور جديد يلمع بشكل أكثر فاعلية في إطار FIRST-ADLX وهو دور المتعلم، الذي لم يقتصر دوره على عملية تعلمه فحسب بل ويصممها في كثير من الأحيان.
لينة عيسي
أخصائي تعلم وتطوير
ميسر، مصمم برامج تدريبية
July 14, 2020, 7:56 pm
رااااائعة احسنت قولا
بعد إطار فرست فعلا التعلم ليس كقبله ولا اى شىء نفعله فعلا بل أصبح اسلوب حياة …هو حقا إطار ممتع مفعم بالحياة والنشاط والتأثير
August 7, 2020, 1:31 pm
جزاكِ الله خيرا كثيرا يا لينة على هذا التأمل العميق الثري المفيد.. تأمل يعين المتعلم على النهوض برحلته إلى مقام آخر من الأثر .. نفع الله بك.