اسمي مها مرتضى، باحثة فى مجال أدب الطفل ومستشارة تربوية معتمدة من جمهورية مصر العربية، في نطاق عملي، أسعى لمساعدة الأمهات على فهم مشاعرهم ومشاعر أطفالهم، وعلى استيعاب الأسباب وراء سلوكياتهم لتيسير التواصل الفعال فيما بينهم وبناء علاقة قوية مبنية على الإحترام والحب والثقة، كما أسعى لمساعدة الأطفال للتعرف على مشاعرهم والتعبير عنها والتواصل مع الآخرين من خلال فن الحكي والسيكودراما، واتّبع لتحقيق ذلك كله منهج العلاج المعرفي السلوكي والتربية الإيجابية والذكاءات المتعددة.
بحكم عملي مع الأطفال لاحظت أن من أكبر المشاكل التي يواجهها أولادنا اليوم، وتشكو منها الكثير من الأمهات في الجلسات الخاصة هي مشكلة (الغضب) أو (إدارة هذا الغضب) التي تظهر في أماكن متعددة ولا سيما وقت المذاكرة وخلال التمرين وفي النزاعات مع الأخوة والاخوات.
نظرا” لتكرار هذه المشكلة وانتشارها، قررت ادماج الاطفال في تجربة معايشة متعلم نشطة عميقة حول الغضب، اصممها وايسرها باستخدام ما تعلمته في رحلات اطار فيرست لتجربة معايشة المتعلم النشطة العميقة. تناولت نقاط ثلاث: علاقة المخ بالغضب، ادارة الغضب، وطرق التعبير عن الغضب، وجاءت مخرجات التعلم على الشكل التالي:
مخرجات التعلم الأساسية:
المخرجات المعرفية:
- أن يفهم العلاقة بين العقل والغضب.
- أن يعدد طرق التعبيرعن الغضب وإدارته.
- أن يشرح سبب اختياره لطريقة من الطرق.
المخرجات المهارية: - أن يعبر عن غضبه بطريقة من طرق التعبير يختارها.
- أن يدير غضبه بالطريقة التي اختارها.
المخرجات الوجدانية: - أن يشعر المتعلم بالثقة في قدرته على إدارة غضبه.
مخرجات التعلم الموازية:
المخرجات المعرفية:
- أن يفهم أن لحظات الضعف بشرية ولكن تعلم التحكم بها ممكنالمخرجات المهارية:
- أن يطور مهارات التواصل (مع الاهل والمحيط) والتعبيرعن المشاعرالمخرجات الوجدانية:
- أن يستشعر حب الأهل له واستعدادهم لمساعدته في حل مشاكله
مخرجات الأداء:
- أن يتعامل مع شعوره بالغضب بالطريقة المناسبة بعد أشهر
تطبيق مجالات فيرست في التصميم والتيسير
المرحلة الأولى كانت التعرف على برسونا المتعلمين، بحيث حرصت على جمع المعلومات حول ما يراه، يسمعه، يشعر به، يعاني منه، ويحب حدوثه عبر التواصل مع الامهات قبل اللقاء. ساعدتتني هذه المقابلات في التعرف على اهتمامات كل طفل ومواهبه و ما يثير غضبه و كيف يعبر عنه بل وكيف تتعامل العائلة مع هذا الغضب.
بعد التعرف على برسونا المتعلمين، صممت تجربة معايشة تسلسلت أنشطتها على الشكل التالي:
- نشاط افتتاحي: يشارك فيه كل طفل أكثر أوقاته سعادة
- نشاط تعلمي 1 (لعبة تربوية): يعمل الاطفال في ثنائيات لايجاد صندوق ويجتمعون في مجموعتين لتخمين ما فيه
- نشاط تعلمي 2 (قراءة قصة): يقرأ المتعلمون قصة حول الغضب ويناقشون الأسباب والنتائج والمشاعر المحيطة بالغضب
- نشاط تعلمي 3 (لعب أدوار): يلعب طفل دور المحاور وآخر دور الضيف و يجرون مقابلة صحفية حول الغضب
- عرض مصغر: كيف اتصرف ساعة الغضب
- نشاط ربط وتلخيص (أرسم الطريقة الفضلى): يرسم الأطفال الطريقة الفضلى برأيهم ويشاركوها مع الاخرين
- نشاط ختامي: يشارك المتعلمون شعورهم تجاه اللقاء
العمل الثنائي
نشاط المقابلة الصحفية
مشاركة الأفكار
أما خلال التيسير، فلقد طبقت المجالات الخمس بإتباعي لسلسلة من الإجراءات و جاءت على الشكل التالي:
مجال التركيز على المتعلم
لتطبيق هذا المجال، قمت بما يلي:
- الترحيب بالمتعلمين فردًا فردًا
- إعطاء المتعلمين الفرصة لتحمل المسؤولية واختيار الناطق باسم الفريق ووضع قواعد اللعبة التربوية: ففي نشاط التخمين على سبيل المثال وبعد أن تجمع المتعلمون لتشكيل فريقين كبيرين، قام كل فريق باختيار:
- قائد مسؤول عن تسجيل تخمين فريقه
- ومساعد يراقب الساعة الرملية ليخبرهم بقرب انتهاء الوقت
- ومتحدث رسمي ليشارك نتيجة النقاش فيما بعد
أما في نشاط الرسم فلقد منحتهم حرية اختيار الادوات والألوان وطريقة المشاركة.
- وفرت لهم الوقت لتبادل الاسئلة واستمعت لتعليقاتهم وبنيت عليها
- احترمت مشاعرهم وابديت التعاطف وشجعتهم على مشاركتها
- شجعتهم لاختيار هتاف التشجيع الخاص بهم
مجال التفاعل الايجابي أثناء تجربة المعايشة
في هذا المجال قمت بالأمور التالية:
- نوعت أنماط التفاعل فعمل المتعلمون في ثنائيات ومجموعات صغيرة وكبيرة وتفاعلوا مع الجميع
- استخدمت تحية خاصة للتعزيز وكانت من اقتراح “عمر”، احد الاطفال المشتركين
- شجعت الضحك واللعب فضحكت ولعبت معهم
- حرصت على توفير عوامل الأمن والسلامة وخلو الحجرة من أي شئ قد يسبب ضرر
- لزيادة الحماسة و المتعة والتشجيع، الصقت خطوات صغيرة على الارض ودعوت المتعلمين للسير عليها حتى يصلوا الى السبورة و يشاركوا الرسمات التي قاموا بها
مجال مراجعة الأنشطة باستخدام نموذج RAR
صممت ثلاث أنشطة تعلمية احترمت في تصميمها المراحل الثلاث لنموذج رار(زيادة الجاهزية – تيسير النشاط – المراجعة النشطة).
ففي مرحلة زيادة الجاهزية، دعوت الأطفال لإظهار الجاهزية والحماس للبدء بنشاط جديد، زودتهم بالتعليمات بطريقة واضحة ومبسطة، و طلبت من بعضهم تجسيد المطلوب من حين لاخر. أما في مرحلة تيسير النشاط، فراقبت ويسرت وساعدت وتدخلت لتوضيح نقاط معينة والتأكد من مشاركة الجميع وحل النزاعات الصغيرة الناتجة عن اختلاف وجهات النظر. في مرحلة المراجعة النشطة، تأكدت من خروج الأطفال بالمخرج المطلوب من النشاط عبر سلسلة من الأسئلة تساعدهم على التفكير التأملي وربط ما يقومون به بواقعهم. ففي نشاط القصة على سبيل المثال وبعد الانتهاء من القراءة، تفاعلنا في الحديث عن الأوقات التى نشعر فيها بالغضب وماذا كنا لنفعل لو كنا مكان البطل، وبماذا نشعر، وكيف نراقب جسدنا ونديرعقلنا. أما بعد تيسير نشاط الرسم، فدعوت كل مشارك لاختيار زميل يشاركه ما تعلمه والتحدث عن النقاط المشتركة.
مجال التسلسل والإنسيابية أثناء تجربة المعايشة
تسلسلت الأنشطة بإنسيابية و تنوعت بين أنشطة معايشة وأنشطة تعلمية، فاستخدمت الأنشطة التعلمية بالاضافة الى انشطة المعايشة (الافتتاحي- الربط والتلخيص- الختامي) لتحقيق تجربة معايشة ذات أثر. كما نوعت الأنشطة واستخدمت وسائل متنوعة (القصة التى أؤمن أن لها سحر خاص مع الأطفال، لعبة حركية، لعب الأدوار، عرض مصغر، رسم) تستدعي مستويات طاقة مختلفة للمحافظة على حماس الطلاب و تفادي الملل.
مجال تحويل التعلم الى أداء واقعي ملموس
قمت بربط الأنشطة كلها بواقع المتعلمين وتطرقنا الى أمثلة من واقعهم وحياتهم اليومية. فبعد نشاط اللقاء الصحافي على سبيل المثال، قمنا بربط محتوى المقابلات بالتجارب الشخصية وناقشنا طريقة تصرف كل متعلم في كل حال من الأحوال المطروحة وكيف يمكننا أن نعبر عن غضبنا دون أن نؤذي أنفسنا أوالآخرين.
أثر التجربة
تركت التجربة في نفسي وفي نفوس المتعلمين أثراً عميقاً. فعلى الصعيد الشخصي، كنت سعيدة بتواصلي مع الأطفال. كما ظهرت سعادة الاطفال جليّة في ردود أفعالهم وتواصلهم بحماس مع بعضهم البعض وتعبيرهم اللفظي عن استمتاعهم وعدم شعورهم بمرور الوقت وعدم رغبة البعض فى الرحيل وتكرار سؤالهم ”إحنا هنتقابل تاني إمتى؟”
وختاماً، لا بد من التنويه بتفاعل الامهات ودورهن الكبير فى المتابعة ومساعدة الأطفال في اختيار الطرق وتذكيرهم بما تم وما لم يتم. اذ كان لتعاونهن دور أساسي في امتداد أثر التعلم ومساعدة الأطفال على التطبيق بعد انتهاء الرحلة.
نبذة عن الكاتبة
الأستاذة مها مرتضي ، باحثة فى مجال أدب الطفل وهي مستشارة تربوية معتمدة من جامعة عين شمس. تقيم فى القاهرة، جمهورية مصر العربية، وتتمتع بخبرة 17 سنة فى التعامل مع الأطفال وأولياء الأمور. من مؤلفاتها: “سلسلة توتة” مجموعة قصصية للأطفال، قصة “سر الكاميرا”، قصة “لا أفهم كلامك”، كتاب الأطفال ” أين ذهبت كلمات قصتنا” ومفكرة الأطفال “مفكرتي”.