الحلقة الثانية: تحويل التعلّم إلى أداء واقعيّ ملموس

كنا قد ذكرنا في الحلقة الماضية:

سنتناول في هذه الدّراسة الأنشطة الّتي قمنا بإعدادها، ونجحنا من خلالها بالقيام بعمليّة تكامليّة بين موادّ التّاريخ والتّربية الوطنيّة والتربية الاسلاميّة والفنون، وتحوّلت الحصص فيها إلى حصص ثقافيّة تغوص في الماضي لنستنتج منه ما يساعد على تحليل الحاضر فنُحسن بالتّالي التّخطيط للمستقبل، بالإضافة إلى أنّها تدعم مهارات المتعلّم فتنمّيها وتصقلها، وتساعده على استدعاء المعلومة متى أراد ذلك بكلّ سلاسة وانسيابيّة وبطرق عديدة.

ولعلّ أهمّ المبادىء الّتي تحقّقت من خلالها هي:

– تأمين بيئة آمنة للمتعلّم وإشعاره بثقتنا به بحيث يحفزّه ذلك على الاجتهاد والإبداع.

– تيسير تجربة متعلّم نشطة وعميقة.

– تصميم نواتج ومخرجات موازية (خاصّة المجال الوجدانيّ والمهاريّ).

– تحويل التعلّم إلى أداء واقعي ملموس.

– تحصيل المعرفة بشكل تلقائيّ بحيث لم يعد المتعلّم يشعر بثقل ذلك عليه.

– اكتساب المتعلّم مهارات القرن 21.

المحطة الأولى: اكتشاف مواهب المتعلّمات الفنيّة

المحطة الثانية: تعزيز روح الانتماء

المحطة الثالثة: أنشطة تمثيلية حوارية

وفي هذه الحلقة:

المحطة الرابعة

نشاط تكاملي بين مادتي التاريخ والتربية الاسلامية:

 كانت فعاليات مناسبة الاسراء والمعراج طريقة من الطرق التي أبرزت مواهب الطالبات ومهاراتهنّ في الإلقاء والعرض والتقديم والبحث ،حيث تنوّعت الأنشطة التي قدّمْنها من: إلقاء شعر وكلمات + مناجاة + عروض باوربوينت تتناول تاريخ القدس وما يجري بها وهذه العروض قدّمتها الطالبة سارة.ح من الصف 11 حيث عملت على توثيق الأحداث وعرضها بشكل سلس وأوصلت المعلومة بشكل صحيح ومتقن وقد ساهم ذلك بتعزيز ثقتها بنفسها وزاد من انتمائها لوطنها المحتل، وقد تمّ تقديم هذه القعاليات المختلفة على مدار أسبوع كامل، وعُرضت على صفحة المدرسة ونالت إعجاب وثناء كل من شاهدها، وكانت هذه الأنشطة مثالاً ناجحاً لتكامل مواد التربية الاسلامية والتاريخ والتربية الوطنية، وزادت من يقيني بأهمية إعادة النظر في طرق تدريس هذه المواد التي يتّبعها المعلمون عادة، خاصة بعد أن لمست أثر ما أقوم به على المتعلّمات

المحطة الخامسة

المعايشة والحوار والتفكير الناقد:

لفهم ما يجري الآن، علينا التعمّق في التاريخ، هذا ما حصل مع شرح درس حضارة بلاد الرافدين للصف العاشر الذي تزامن مع زيارة بابا الفاتيكان، فكانت المقدمة مشاهدة فيديو حول الزيارة وأشبعناه تحليلاً ومناقشة لتفهم الطالبات أهمية اختياره لمدينة أور وارتباط ذلك بسيدنا إبراهيم وما يتمّ تسويقه الآن لما يسمى الديانة الإبراهيمية الموحدة للأديان

وقد استغربت المتعلّمات من تهميش هذه المدن التاريخية إعلامياً وثقافياً في بلادنا خاصة بعد أن عرضت عليهن آراء ومشاهدات للعديد من العلماء والسيّاح الأجانب لهذه المناطق مقابل جهلنا التام بحقيقة وجودها، وناقشنا وحللنا أسباب تهافت العلماء الغربيين والدول الغربية على هذه البلاد لاستغلال ثرواتها التاريخية أو مواردها الطبيعية

 أما أحداث الأقصى الأخيرة وقصة الشيخ جراح وحرب غزة، فلقد كانت مادة دسمة لتطبيق دروس التربية الوطنية والتاريخ من خلال عرض باوربوينت على كافة الصفوف يتناول القضية الفلسطينية تاريخها وحاضرها لأن معرفة القضية والوعي بما يخططه العدو أول أسباب النصر، وقد قامت كل من الطالبة روز والطالبة لين بالنشر عبر حسابهما على الانستغرام (أن هذا التعليم الذي نريده ليت كل الطلاب يطلبن من أساتذتهم القيام بربط التعليم بقضايا الواقع المعاش فهو الذي يبقى مغروساً فينا)

ثمّ بدأتُ بعرض فيديوهات في حصص التربية لمقابلات عالمية مع شباب من حي الشيخ جراح (منى ومحمد الكرد) وربطها بمحور الإعلام بصف الحادي عشر وتحليل كيف يتناول الإعلام العربي والدولي هذه القضية والمصطلحات التي يجب التحدّث بها مع الوكالات العالمية، وفي الصف العاشر تمّ ربطها بمحور الحوار و كيفية الحوارالتلفزيوني وأدبياته وكيفية تعاطيهم مع الأحداث ودرس حرية الرأي والتعبير، وكنت طوال هذه الفترة أرسل لهنّ عبر الواتساب بعض المقابلات وأطلب منهن تحليلها ونناقشها فيما بعد . وقد أشادت الطالبات بهذه الفيديوهات التي كانت تأخذ مني الكثير من الوقت والجهد لأجد ما هو ملائماً للدرس والحدث وقد نمّت لديهنّ مهارة الإصغاء وحفزتهنّ على الانتباه وساهمت في تنمية مهارة الربط والتحليل والاستنتاج . كما أنّها ساهمت في تنمية الوعي لديهن على أهمية دور الشباب في نهضة الأمة خاصة أنّ من قاد حركة الاحتجاجات والمواجهات على شبكات التواصل هم شباب القدس والشيخ جراح وكان هذا درساً عميقاً ومباشراً لما يستطيعه شباب الأمة إذا أحسنوا توظيف قدراتهم ومهاراتهم في الدفاع عن القضية.

وبالتالي حفّز هذا الأمر الكثير من المتعلمات للمشاركة في نشر القضية إلكترونياً وحتى المشاركة في بعض اللقاءات التي كانت تتمّ والفعاليات التي واكبت هذه الأحداث . وهذا درس لجميع المعلمين والمربّين بأهمية تحويل المواد الى مادة حياتية معاشة مع الحفاظ على الجانب المعرفي، لأنها تختصر الكثير من الجهد ويكون أثرها أعمّ.

ثمّ جاءت احتفالية نقل المومياءات الفرعونية فكانت مناسبة مهمة لربطها بمحور الحضارة الفرعونية والوقوف على بعض قصص مومياءات الفراعنة التي سيتمّ نقلها .إلى جانب تحليل واستنتاج  الايجابيات و السلبيات التي نتجت عنها ومناقشتها مع الطالبات ،لتعزيز مهارات الحوار والمناقشة عند الطالبات والتحليل والاستنتاج والتفكير الناقد وتقبّل الرأي الآخر .

وقد تمّ أيضاً مقارنة هذه الاحتفالية مع زيارة البابا للعراق واستنتاج مهارة المصريين في التسويق لحضارتهم وخبرتهم في ذلك وضعفها عند العراقيين . وقد لفت هذا الأمر  المتعلمات إلى ضرورة الاطلاع على حضارة بلدنا وإيجاد طرق ابداعية في التسويق لها خاصة بعد مشاهدتهم لفيلم قامت به إحدى خريجاتنا مع زوجها حول تاريخ مدينتنا صيدا وحقيقة صيدون البحرية حيث تمّ تصويره بطريقة ابداعية حمّست الطالبات وعزّزت روح الانتماء للمدينة بشكل خاص.

المحطة السادسة

متعلّمات اليوم قادة الغد:

 الصف التاسع :أبهرتنا الطالبتين (نور.ش+ نور.ب) النورين كما أسمتا نفسيهما بالعرض الذي قدّمناه، حيث أنّ أقلّ ما يمكن وصف عملهنّ به ، أنّه ابداع بحقّ من حيث الفكرة والأداء والربط

وهذا ما أدلت به الطالبتان حول عرضهما 

الحقوق العربية و المطامع الإسرائيلية كان عنوان الدرس الذي طُلب منّا تحضيره . و في ذلك الوقت كانت المواجهات الفلسطينية – الصهيونية في ذروتها ممّا شكّل تحفيزاً أكبر لنا لانجاز العرض بطريقة تُظهر كامل معاناة الشعب الفلسطيني وكفاحه على مرّ السنوات. وكون هذه القضية قضيتنا بصفتنا عرباً مسلمين، و فلسطينيات، كان دافعنا إلى العمل مضاعفاً . إذ حاولنا تنويع الأفكار في العرض (تقرير ، تمثيل ،أخبار…) وإضافة أساليب جديدة ومتنوّعة تمكّن الحضور من فهم هذا الموضوع بدقة وتركيز ، وكانت طريقة الشرح مستوحاة من شرح المعلمة الفاضلة آ. منيرة بحيث اعتدنا في حصصها على الأنشطة التي تساعدنا على الفهم بطريقة سلسة وغير معقدة ، فكانت طريقتها خير دليل لنا على اعتماد الوسائل الابداعية أثناء العرض . لقد كان هذا النشاط موفقاً والحمد لله، فهذا النوع من الأنشطة التفاعلية أثبت أنّه الأكثر جذباً للمتعلم بحيث يصبح هو مركز العملية التعليمية . وقد نال النشاط تفاعلاً و اعجاباً من زميلاتنا و المعلمة المشرفة.

المهارات التي اكتسبناها من خلال هذا النشاط كانت:

التواصل الفعّال-  المسؤولية – العمل كفريق – التفكير الإبداعي (البحث عن طرق جديدة) والتخطيط وحسن التنظيم.

وكذلك قدّمت الطالبة(جنى.ن) درساً بطريقة الباوربوينت يشرح القضية الفلسطينية ويتضمّن فيديو يناسب الموضوع ويشرحه بطريقة مدروسة جداً.

الصف الحادي عشر : طلبت من الطالبات تحضير درس وتقديمه فتطوعت الطالبة (نجاة) وبالفعل فقد اعتمدت الطالبة على أسلوب الحوار والمناقشة وطرح الأسئلة وكان عرض الباوربوينت مناسبا للموضوع ، فكانت معلمة بحق وجدارة

وعلى أمل أن ننجح جميعاً في تربية متعلمينا ليكونوا قادة الغد.. نلقاكم في الأسبوع القادم مع الحلقة الثالثة….

إعداد وكتاية : الأستاذة منيرة البابا

معلمة مادة التاريخ

مدرسة الأفق الجديد

صيدا / لبنان