العام الهجري الجديد في المدينة المنوّرة

العام الهجري الجديد في المدينة المنوّرة

نبذة عن الكاتبة

جمان عبدالله جيلاني، باحثة دكتوراة في تخصص التفسير وعلوم القرآن .

خلفية قصة التطبيق

لطالما أحببت غرس قصة هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم في عقول الأطفال لأن هذه الأمور من شأنها أن تثبت تقدير الاطفال للعقيدة والاعتزاز بالإسلام والهوية الإسلامية، خاصة في فترة احتفالات الكريسميس والسنة الميلادية الجديدة حيث ينبهر الأطفال بما يرونه من زينة وألوان وما يسمعونه من قصص وأساطير، مما قد يؤثر سلبًا على عقيدتهم. ومن هنا قررّت أن أبدأ بنفسي وأقوم بتطبيق ما تعلمته في فيرست على أطفال عائلتي. فصممت تجربة معايشة متعلم نشطة عميقة تستهدف بين ال 10 وال 13 طفلاً من أطفال العائلة الذكور والإناث. اتخذت من منزل جدتي في المدينة المنورة مكانّا لتجربتي وصممت لقاء تعلم بعنوان “العام الهجري الجديد”، بمخرجات تعلم وجدانيّة، مهاريّة، ومعرفيّة:

المخرجات الوجدانية:

سيكون المتعلم في نهاية اللقاء قادرًا على:

استشعار أهمية التمسك بالعقيدة الإسلامية

تقدير المناسبات الاسلامية واظهار الفرح

استشعار التضحية التي قام بها الأنصار

المخرجات المهارية:

سيكون المتعلم في نهاية اللقاء قادرًا على:

التمييز بين الشعائر المرتبطة بأعياد المسلمين وغيرها

قراءة سورة قريش قراءة صحيحة

المخرجات المعرفية:

سيكون المتعلم في نهاية اللقاء قادرًا على:

تعداد أحداث الهجرة 

روي ما قام به كفار قريش من أذية للمسلمين

قص كيف تخلى الأنصار عن ممتلكاتهم 

تعداد أعياد المسلمين وأعياد غير المسلمين

قصة التطبيق 

تسلسل الأنشطة

متأثرة بما تعلمته مع فيرست بدأت رحلتي بنشاط ما قبل الافتتاحي بهدف كسر الجليد وتهيئة الأطفال للأنشطة التي تليه. فشاركت نشيد “طلع البدر علينا” و رحنا نكرره مراراً حتى حفظ الأطفال البيتين الأولين.  عندها دعوت الأطفال لتشكيل دائرة والجلوس على الأرض، وبدأنا حوارًا حول الهجرة. فكان النشاط الافتتاحي عبارة عن مجموعة من الأسئلة التشويقية التي تستدعي التفكير التأملي واسترجاع معلومات مسبقة حول الهجرة، وتدرجت الأسئلة على الشكل التالي:

ما الذي يميز هذا الشهر؟

لماذا هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة للمدينة؟

لماذا قام كفار قريش بأذية الرسول صلى الله عليه وسلم والمهاجرين؟

من يقرأ لنا سورة قريش بما أننا بصدد الحديث عن قبيلة قريش؟

بعدها قمنا بالنشاط التعلّميّ الأول، وكان  بعنوان “مناسبات السنة الهجرية”، هيأت الأطفال للنشاط في مرحلة زيادة الجاهزية، فبدأت أسألهم: هل يوم عرفة يخص المسلمين؟ هل عيد الفطر يخص المسلمين؟ هل الهالوين يخص المسلمين؟ وهم يجيبوا بنعم أم لا،  تعمّدت الدمج بالأسئلة بين مناسباتنا الإسلامية ومناسبات الأديان الأخرى لأتأكد أن الفرق في أذهانهم واضح وأنهم قادرون على التمييز بين أعياد المسلمين وأعياد غير المسلمين.  أما في مرحلة تيسير النشاط، فبدأت بسرد قصة المهاجرين والأنصار وكيف أن الرسول آخى بينهم بعد هجرته، وكنت بين الحين والآخر أتوقف عن السرد لطرح أسئلة حول مجريات الأحداث للتحقق من فهمهم وتقويم أي فهم مغلوط إن دعت الحاجة. وفي مرحلة المراجعة النشطة، سحبت منهم تسلسل الأحداث والدروس والعبر المستفادة.

تلى نشاط ” مناسبات السنة الهجرية” نشاط تعلّميّ آخر بعنوان “كن أنصاريًا”،  كانت فكرته تدور حول التخلي عن شئ يملكه الطفل تخليًا كاملًا تأسيًا بفعل الأنصار رضي الله عنهم “ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة”. فقمت في مرحلة زيادة الجاهزية بإعلام الأطفال بأنهم سيتخلون عن شيء من أشيائهم العزيزة تأسيًّا بفعل الصحابة رضي الله عنهم. وفي مرحلة التيسير شجعتهم للتخلي عنها، وجمعت منهم عدة أشياء في صندوق.  أما في مرحلة المراجعة النشطة، فسحبت منهم مشاعرهم وكم كان صعبًا التخلي عن ما يخصّهم، وكيف  تشجعوا لرؤية  غيرهم يتخلى عن ما يملك. بالطبع قمت بإرجاع الأشياء لأصحابها، ولكن بعد أن أدركت أن مخرجات النشاط قد تحققت أنهم قد استشعروا وعايشوا تجربة تشبه ما خاضه الأنصار.  

 

وكنشاط ختامي، قمت بتوزيع رياحين وسعف النخل للأطفال،  وأنشدنا سويًا نشيد “طلع البدر علينا” أمام جدتنا الحبيبة حوريّة، وأخذت الفتيات تضربن الدف مع لحن النشيد.

الحمدلله حمدًا طيبًا، فبالرغم من بساطة اللقاء إلا أنه كان موفقًا ومؤثّراً فقد تم في جو أسري دافئ.

تطبيق مجالات إطار فيرست

قمت بسلسلة من الاجراءات حرصًّا مني على تطبيق مجالات الإطار: 

المجال الأول: التركيز على المتعلم 

تعمّدت التوجه الى كل فرد والتواصل البصري مع كل منهم، كما ناديتهم بالأسماء التي يفضلونها، وأشعرت كلاّ منهم بأهميته لسير اللقاء بالشكل المناسب، فعززّت الصفات الحسنة التي يمتلكونها (يا ذكي- أيتها الجميلة- يا لك من رائعة…). وكنت كلما أضطر طفل للانسحاب قليلاً، أدعو أحد الأطفال لتلخيص ما فاته فور عودته حرصًا على إدماج الجميع في الأنشطة كافة.

المجال الثاني: التفاعل الإيجابي أثناء تجربة المعايشة 

كما ذكرت مسبقًا، تم اللقاء في منزل الجدة وهو المنزل الذي يشعر فيه الطفل بالأمان والراحة، هذا بالإضافة إلى أن المتعلمين في الأساس أقارب وأصحاب مما سهل حدوث تفاعل إيجابي محبب بين المتعلمين. هذا بالإضافة إلى حرصي على تقبل آراء الجميع واحترامها، وإلى اصراري على مشاركة الجميع في الإنشاد ولا سيما في النشاط الختامي عندما شارك المتعلمون جميعًا في الإنشاد أمام الجدة في جو من الألفة والفرح. 

المجال الثالث: مراجعة الأنشطة باستخدام نموذج رار 

كما يبدو جليًا في قسم “تسلسل الانشطة”، حرصت في تصميمي وتيسيري للأنشطة على احترام أقسام نموذج رار الثلاثة. ففي مرحلة زيادة الجاهزية، استعد المتعلمون ونادوا أقرانهم واتخذوا أماكنهم واستمعوا للتعليمات وأعادوا ما سنقوم به. أي أنهم استعدوا ذهنياً و بدنياً ووجدانياً للأنشطة. 

أما في مرحلة تيسير النشاط، فقمت بمتابعة المتعلمين ووظفت التوازن بين السحب والدفع لأقوم بعملية تحقق وتقويم مستمرة. في مرحلة المراجعة النشطة، كنت أدعو المتعلمين لمشاركة ما قمنا به خلال النشاط وتلخيص الدروس المستفادة عبر أسئلة قصيرة سريعة كنت قد أعددتها قبل اللقاء. 

المجال الرابع: التسلسل والانسيابية أثناء تجربة المعايشة

نوعت بين أنشطة المعايشة (ما قبل الافتتاحي- الختامي….) والأنشطة التعلميّة و تأكدت من احترام مستوى الطاقة أثناء ترتيبها بحيث لا يشعر المتعلمون بالملل أو التعب. كما حرصت على التنويع في الأنشطة، فاستخدمت قصة وأنشودة ولعبة تربوية (التخلي عن الأشياء) ومجموعة من الأسئلة لإثارة حماس المتعلمين وجذب انتباههم. 

المجال الخامس: تحويل التعلم إلى آداء واقعي ملموس

حرصت في مراحل مختلفة ولا سيما في مرحلة المراجعة النشطة للأنشطة كافة على ربط قصة الهجرة بما يعاني منه المسلمين اليوم، كما سهلت التمييز بين أعياد المسلمين وغيرهم عبر الربط بما يدور حول المتعلمين في حياتهم اليوم من مراسم احتفال بالكريسمس. وقد ساعد نشاط ” كن أنصارياً” على ربط قصة الأنصار بواقع المتعلمين إلى حد كبير أيضاً. 

أثر تطبيق إطار فيرست

لاحظت بشكل جليّ مجموعة من الأمور تشير الى أثر هذه الرحلة في نفوس المتعلمين ومنها:

ملامسة عقيدة الطفل بشكل مباشر

تعزيز الهوية الإسلامية للطفل وسط تزعزعها في واقعهم

التفريق بين المناسبات الاسلامية وغير الاسلامية

تعلم الإيثار والتخلق بخلق الأنصار رضوان الله عليهم

الخاتمة

 أنهيت اللقاء الاول المصمم والميسر باستخدام إطار فيرست وفي بالي الكثير من الأفكار التأملية. فبالرغم من بساطة وعفويّة اللقاء إلى أنه كان عظيم الأثر، وهو دليل على أن تطبيق الإطار لا يقتصر على الغرف الصفية وقاعات التدريب بل يتعداها الى حياتنا اليومية واجتماعاتنا العائلية. رزقنا الله واياكم حسن الأثر و استدامته.  

Write a comment