نبذة عن الكاتبة وخلفية قصة التطبيق
سندس حمدي الفقي حاصلة على ليسانس أصول الدين في التفسير وعلوم القرآن من جامعة الأزهر الشريف، وباحثة ماجستير في نفس التخصص، أعمل معلمة قرآن كريم ومدرسة تربية إسلامية منذ ثلاث سنوات، وبفضل الله كنت من صغري أعلم الصغار والكبار في المسجد عن كيفية قراءة القرآن وتجويده، أحببت العلم الشرعي وتمنيت لو أحبه كل البشر وأفنوا عمرهم فيه، وكنت أتمنى كثيراً أن يستشعر المسلمون عظمة الخالق فيما شرع لنا وفيم كلفنا من عبادات وأوامر ونواهي، وأن يعلموا أن الدنيا دار ممر لدار المستقر ويعملوا لها، ومع كثرة الملهيات لطالما كنت أصاب بالإحباط لعدم تمكني من أن أغير العادات والسلوكيات التي تسيء إلى ديننا، فقررت أن أكون فارسة للإسلام أبدأ بنفسي أهذبها وأقومها ثم أوسع دائرة دعوتي قدر المستطاع. ورحت أبحث جاهدة في كثير من العلوم الشرعية بل والتربوية التي تساعدني على تقويم وتهذيب نفسي أولاً ثم النّاس من حولي، وأكسب المهارات التى تجعلني مؤثرة وأن أكون من فرسان الإسلام حقا، ثم بقدر الله وجدت سيجا جروب فقرأت دليل الرحلات وجذبني ما قرأت. شعرت بأن نظامها وهدف القائمين عليها هو هدفي وهو تحقيق الأثر، فبادرت للمشاركة في الرحلات وأتممت بفضل الله الرحلة التأهيلية التي كانت بالنسبة لي كالمصباح الذي يشع نوراً، فطريقنا واحد وبفضل الله ثم فيرست توقف التخبط الذي كنت أعيشه وحددت وجهتي وسرت بخطوات حقيقية هادفة مثمرة تجعلني سعيدة وبها إن شاء الله سأحقق غايتي وسأصل لوجهتي وسأترك أثرًا واضحًا في نفوس وعقول وسلوك المتعلمين.
قصة التطبيق
متأثرة بما تعلمته في رحلات فيرست من مجالات خمس، قمت بتصميم وتيسير تجربة معايشة متعلم نشطة عميقة باستخدام إطار فيرست. اخترت “أركان الإيمان والإسلام” عنوانًا للرحلة وبادرت الى تصميم خريطة الرؤية الشاملة بأقسامها الخمس.
– برسونا المتعلمين وبيئة المعايشة: بلغ عدد المتعلمين ال 15 طالب وطالبة، ترواحت أعمارهم بين ال 5 و ال 7 سنوات، جميعهم من القاهرة – مصر، وكانت الرحلة عبارة عن لقاء حضوري واحد مدته 60 دقيقة. أما انطباعهم حول حصص التربية الإسلامية قبل معايشة مجالات فيرست، فقد تبين أن المتعلمين لطالما شعروا برهبة معلمتهم لشدتها في التوجيهات وفي ردة فعلها على أخطائهم.
كثيرًا ما يخطىء المتعلمون في هذا السن وهم يتعلمون من أخطائهم فهو سن التعلم والغرز وبداية التمييز. أحيانًا يكرهون وقت الدرس ويرفضون الحضور فيجبرهم ولاة أمورهم على الحضور. يدخلون الحصة وبداخلهم غضب شديد فهم يفضلون اللعب مع جيرانهم وأصحابهم، وكل ما يعنيهم هو وقت العودة إلى المنزل للعب والاستمتاع. ولطالما فشلنا كميسيرين في زرع حب الله في قلوبهم وحب دينهم وحب حصص التربية الاسلامية.
– وصف تجربة المعايشة: يحب المتعلمون- وإن عجزوا عن التعبير عن ذلك بشكل مباشر- أن تكون الحصة هادفة مثمرة تفاعلية نشطة مسليّة وغير مملة أو سلبية. وهم أيضًا يحبون أن يكون الشرح مبسطًا بعيدًا عن التعقيد، وبالتّالي اقتصرت المعلومات المتداولة على إجابات مبسطة لأسئلة عن الله والرسول والدين وأركانه وأهمية هذه الأركان لدخول الجنة.
مخرجات التعلم
سيكون المتعلم في نهاية الرحلة قادرًا على:
المخرجات الوجدانية:
– أن يستمتع في حصص التربية الاسلامية.
– أن يقدّر قيمة الوقت واستثماره.
– أن يستشعر المتعلم عظمة الله.
– أن يقدّرأهمية معرفة دينه.
– أن يستشعر ويحترم حرص الصحابة على التعلم من النبي الكريم.
– أن يحب الجنة ويعمل لها.
المخرجات المهارية:
– أن يحافظ على الصلاة والصيام والطاعات.
-أن يظهر الايمان بالله قولًا وفعلًا.
– أن يخطط للالتزام بالأركان.
– أن يقوم بالأنشطة بمفرده وفي فريق.
المخرجات المعرفية:
– أن يعدد الأركان وشروطها وسننها ومواقيتها اجمالاً وتفصيلاً.
– أن يردد حديث “بني الاسلام على خمس” وحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، “قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد، أخبرني عن الإسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا». قال: صدقت، قال: فعجبنا له يسأله ويصدقه. قال: فأخبرني عن الإيمان. قال: «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره». قال: صدقت.”
مخرجات الآداء:
١- ان يسعى المتعلم لمعرفة امور دينه ومعرفة الله اكثر واكثر
٢- ان يواظب المتعلم على أداء الأركان وإن لم يكن هناك متابعة دائمة من المعلم وأن يشجع أصحابه وأهله على الاتمام.
٣- ان يكون المتعلم مقبلًا على إتمام الأركان بحب واخلاص وليس مجبرًا
الأنشطة والاجراءات
لتحقيق المخرجات أعلاه قمت بتصميم وتيسير مجموعة من أنشطة التعلم وأنشطة المعايشة، فبدأت بنشاط افتتاحي مدته 10 دقائق. أطلقت على هذا النشاط اسم “هيا نخمن”، وبدأت بالتهيئة فغيرت أماكن المتعلمين داخل الغرفة للتجديد وبث الحيوية والنشاط ، ثم زودت المتعلمين بالتعليمات ودعوتهن لاعادتها اظهارًا لفهمهم وتأكيدًا لجاهزيتهم. أما في مرحلة التيسير فقت بتشجيعهم على التركيز فيما نفعله والمشاركة في اللعبة، فقد لعبنا لعبة التمثيل الصامت، فكنت أقوم بحركة بينما يبادر المتعلمون ليحزروا ما أقوم به، وكان الهدف من ذلك النشاط سحب عنوان اللقاء من المتعلمين، فرحت أمثّل الأركان كالصلاة بالركوع، والزكاة بالاشارة الى صندوق الصدقة، والحج بالتلبية، والشهادة بالاشارة باصبع التوحيد، والصيام بتناول التمر عند الآذان. ولم اكتف بسحب الركن بل تبعته بأسئلة لسحب معلوماتهم عن الأركان وتصحيح مفاهيمهم الخاطئة.
بعد ذلك قمت بتحضير نشاط ربط وتلخيص، فدعوت المتعلمين لتلخيص كل ما تناولوه في النشاط السابق وجمعه فى حديث عرضته عليهم ودعوتهم لقراءته كما دعوتهم لاستذكار الشرح المبسط الذى ذكرناه وترداد الحديث حتى يحفظ.
بعدها قمنا بنشاط تعلمي مدته عشر دقائق تناول أركان الاسلام، وبدأت بالتهيئة وتوضيح المطلوب والقواعد والأدوات من ألوان ولاصق وأوراق بأركان الاسلام ورموزها وعلاماتها الدالًة عليها، كما قمت بتوزيع مجسم لليد بالأصابع الخمس. في مرحلة التيسير، قام المتعلمون بالعمل في مجموعات وإلصاق الأركان الخمس بالترتيب على الأصابع الخمس مرفقة برموزها وعلاماتها، كما قاموا بتلوين كل ركن بلون من اختيارهم. أما أنا فقمت بمتابعة المتعلمين وتشجيعهم ومساعدتهم لانجاز النشاط ، فتنقلت بينهم وتحدثت اليهم واحدُا واحدُا مرددة للحديث ” بني الاسلام على خمس” أو حديث جبريل. وبهذا حفظ المتعلمون الأركان بالترتيب. في مرحلة المراجعة النشطة، دعوت المتعلمين لمشاركة ما قاموا به وما تعلموه وأهمية ما تعلموه في حياتهم ولآخرتهم.
تناول النشاط التعلمي الثاني أركان الإيمان واستمر ل 20 دقيقة. في مرحلة التهيئة، عرضت لوحة بها عنوان “أركان الإيمان”, أما الأركان فمكتوبة على ألوح منفصلة بشكل بالونات كل على حدى، وأخبرت المتعلمين بأنهم سيرتبون البالونات تحت العنوان فور الانتهاء من ترداد حديث شريف. أما في مرحلة التيسير، فقمت بسرد الحديث ودعوت المتعلمين لتكراره حتى حفظوه. في مرحلة المراجعة النشطة، رتبنا أركان الاسلام تحت العنوان عبر إلصاق البالونات بالترتيب المناسب. ثم سحبنا أهمية الترتيب وأهمية الإيمان بالرسل والملائكة. كما قمت بسحب ودفع معلومات بسيطة عن اليوم الآخر/ الحساب ودخول الجنة معززة لرغبتهم فى الدار الاخرة ونيل رضا الله وحمده على كل النعم.
بعده قمنا بنشاط ربط وتلخيص جديد. فقمت بتجهيز صور بها بعض السلوكيات والأخلاق الحميدة والأركان والعبادات الصحيحة وبعض السلوكيات الخاطئة، وسحبت من المتعلمين بأن للجنة طريق وكل سلوك وعبادة توصلنا الى الجنة، أما كل خطأ أو سلوك غير جيد يبعدنا عن طريقها. كما سحبت مشاعرهم نحو الدين وأوامره ونواهيه سألتهم ان كانوا مجبورين على الصلاة أم أنهم يحبونها ويستشعرون أن الله ينظر إليهم خلالها، وسحبت أيضًا مشاعرهم تجاه لقاء اليوم.
أما في النشاط الختامي الذي استمر ل 5 دقائق، فقد سحبت من المتعلمين خطواتهم العملية لتنفيذ الأركان والوصايا التى وصانا الله ورسوله بها، فتشاركنا الافكار والخطوات والتشجيع على إتمام ذلك، كما اتفقنا على العمل في ثنائيات وتذكير وتشجيع بعضنا البعض على الصدقة والصلاة والحمد والرضا بما قسمه الله لنا، ثم بعد ذلك سحبت مشاعرهم ورأيهم في الأنشطة فسألتهم عن نشاطهم المفضل وما تعلموا منه.
تطبيق المجالات الخمسة لإطار FIRST-ADLX:
حرصت على تطبيق مجالات الإطار في التصميم والتيسير، سأشارككم بعض ما قمت به مراعاة للمجالات الخمس.
مجال التركيز على المتعلم:
– اختار كل طالب اسمًا مميزًا لاناديه فيه خلال اللقاء
– احتفلت بمشاركات كل متعلم وخصصت البومًا خاصًا لكل منهم يحتوي على كل مشاركاته خلال اللقاء.
– منحت كل طالب ركنًا ليعرف زملاؤه عليه
– سحبت خبراتهم السابقة عن أركان دينهم
– استمعت لهم وحافظت على التواصل البصري معهم واهتممت بمشاركاتهم وأصغيت لهم باهتمام.
مجال التفاعل الإيجابي أثناء تجربة المعايشة:
– صممت أنشطة تفاعلية عدة كالأداء التمثيلي لكل ركن من الأركان وشجعت الضحك والاستمتاع.
– شجعت وحفزت ودعوت المشتركين للتصفيق لأنفسهم بعد كل نشاط.
– صممت أنشطة تعاونية وتابعت المتعلمين للتأكد من مشاركة الجميع كنشاط ترتيب أركان الايمان على السبورة ونشاط لصق أركان الاسلام على كف اليد.
– شجعت المنافسة الايجابية كالمنافسة بين البنات والبنين لحفظ الحديث جماعيًا وقمت بتهنئة الجميع على الجهد الذي وضعوه في الحفظ.
– غيرت أعضاء الفرق بين نشاط وآخر لزيادة التفاعل وتنوعه.
مجال مراجعة الأنشطة باستخدام نموذج RAR
راعيت مراحل نموذج رار الثلاث في الأنشطة التعلمية كافة ففي مرحلة التهيئة أو زيادة الجاهزية، أخبرت المتعلمين بما سنفعله وهيأتهم لذلك محددة الوقت لكل نشاط وموضحة للقواعد من البداية، فشرحت التعليمات شرحًا مبسطًا ودعوتهم لاعادة التعليمات، كما وزعت الأدوات و شرحت لهم كيفية استخدامها. أما في مرحلة تيسير النشاط، فتابعت المتعلمين للتأكد من مراعاة جاهزيتهم الذهنية والوجدانية والبدنية ولتشجيعهم ومساعدتهم وتيسير إنجازهم للعمل المطلوب. في مرحلة المراجعة النشطة، استعنت بمجموعة من الأسئلة والصور لسحب مشاعرهم بعد كل نشاط وربط ما تعلموه من كل نشاط بالحياة اليومية. كما قمنا بتوضيح مبسط للأركان ومناقشة كيف نطبقها في حياتنا.
مجال التسلسل والانسايبة أثناء تجربة المعايشة
نوعت بين الأنشطة التعلمية وأنشطة المعايشة بين افتتاحي وربط وتلخيص وختامي، ولربما كان من المفيد ان أفكر في نشاط منشط بين نشاطي التعلم شحذًا للهمم. راعيت في أنشطتي مستويات الطاقة المختلفة وأنماط التفاعل بين تفاعل جماعي وتفاعل في فرق، فتنوعت الأنشطة بين أنشطة عمل فريقي وأنشطة سحب ودفع وعروض مصغرة….كل ذلك ساعد في تسلسل الأنشطة بانسيابية وحافظ على اندماج المتعلمين في المراحل كافة.
مجال تحويل التعلم إلى أداء واقعي ملموس
تفكر المتعلمون بخطوات عملية تطبيقية وتحفيزية مثل ورد محاسبة او لوحة تعزيز تساعدهم على تطبيق ما تعلموه خلال اللقاء، كما تمت مناقشة الصعوبات التي قد يواجهونها والتي قد تقف عائقاً أمام تطبيقهم لما تعلموه وقمنا باقتراح الحلول ومناقشتها، وقمت أيضًا بتزويد المتعلمين بفرص متنوعة لممارسة ما تعلموه بأنفسهم وربطه بواقعهم وتصحيح وتصويب ما اعتادوا القيام به سابقًا.
أثر التيسير ونتائجه على المتعلمين:
في نهاية اللقاء بدأ الاستمتاع واضحًا على وجوه المتعلمين وتجلى أثر التجربة على المتعلمين من خلال مجموعة من النقاط:
١- تجلت قدرة المتعلمين على التأمل في الآيات الكونية بالرغم من صغر سنهم.
٢- قوي الدافع المتعلم لعبادة الله عزوجل بحب.
٣- استشعر المتعلمون مراقبة الله عزوجل في كل الاحوال .
٤- قام المتعلمون بوضع جدول اسبوعي يرصدون فيه تطبيقهم للأركان.
٥- استطاع المتعلمون من تحديد الأركان من خلال الايات القرآنية التي حفظت.
٦- عدد المتعلمون بعضاً من صفات الملائكة الكرام .
هذا بالاضافة الى اكتسابهم لمخرجات التعلم التي تم عرضها في بداية القصة.
الخاتمة
أحمد الله حمدًا كثيرًا أن وفقني لأرى حماسة المتعلمين وتركيزهم واسئلتهم للفهم والتحقيق، وكان لمفهوم “السحب والدفع” تأثيرًا كبيرًا في ثقتي بنفسي كميسرة فلقد شجعني لأيسر كما شجعهم للمشاركة. فلقد كانوا منتبهين ومتحمسين لينفذوا أوامر الله ولينالوا حسنات كثيرة وأجرًا كبيرًا ويتنعموا فى الجنة، وهذا أفضل مخرج تعلم نصل له وأنبل أثر نحققه، وقد طال تأثيره على المتعلمين والميسر على حد سواء.