نبذة عامة حول رحلة التعلم وبرسونا المتعلمات
في مدينة إسطنبول التركية، نسجت الأستاذة أماني محيي الدين قسطنطين، خريجة بكالوريوس الاقتصاد تخصص محاسبة، تجربة معايشة متعلم نشطة عميقة لفئة من الفتيات اليافعات تتراوح أعمارهن بين 15 و18 عامًا. الأستاذة أماني، التي أثرَت مسيرتها كمعلمة بالعديد من رحلات التعلم مثل “صناعة المحاور”، و”أكاديمية زاد”، و”البناء المنهجي والفكري”، تعمل حاليًا ضمن مبادرة تعلمية تتبنى المنهاج التفاعلي للسيرة النبوية تحت عنوان “أُسوة حسنة”. تعرفت على إطار FIRST-ADLX أثناء انضمامها لرحلة تعلم نظمتها مجموعة سيجا، مما مكّنها من تصميم تجربة معايشة تفاعلية بعنوان “رمضان يغيرني”، بهدف الاستعداد النفسي والعملي لاستقبال شهر رمضان المبارك.
التحدي الذي واجهته المشاركات كان يتمثل في افتقاد وضوح الرؤية حول كيفية الاستعداد الروحي والعملي لهذا الشهر، مما انعكس على ضعف التخطيط، وتراخي الهمم، وغياب الأثر الحقيقي لهذه الفرصة السنوية العظيمة. وقد ظهر من خلال مشاركاتهن الأولية أن العلاقة بالشهر الكريم لا تتعدى الصورة النمطية من طعام وحلوى وراحة. ومن هذا المنطلق، صممت الأستاذة أماني هذه الرحلة لبناء وعي وجداني وفكري، وتفعيل خطط عملية تجعل من رمضان محطة حقيقية للتغيير.
الفئة المستهدفة كانت مجموعة مكونة من 13 طالبة من الفتيات، في المرحلة الثانوية، وجميعهن من الإناث، يمتلكن خلفيات متقاربة، ويعشن في بيئة داعمة في إسطنبول، ولديهن إمكانية الوصول إلى التكنولوجيا ووسائل التعلم الحديثة، مما سمح بتيسير تجربة معايشة متعلم متنوعة وغنية، جمعت بين الفيديو التعلمي، والنقاش، والأنشطة اليدوية والفنية، ضمن بيئة آمنة وداعمة.
نظرة عامة على التصميم التعلمي
اختارت الأستاذة أماني تطبيق إطار FIRSTedu-ADLX في هذه الرحلة لِما وجدت فيه من تكامل بين البُعد النفسي، والروحي، والعملي، حيث يجمع هذا الإطار بين المتعة والتفاعل من جهة، وبين العمق الوجداني والتحول العملي من جهة أخرى. بالمقارنة مع الأساليب التقليدية، وفر هذا الإطار خريطة مرنة لكنها واضحة لتصميم وتنفيذ جلسة متكاملة تنطلق من المتعلم، وتعود إليه بالأثر.
مخرجات التعلم الأساسية:
وجدانية:
- أن تستشعر كل متعلمة عظمة شهر رمضان وفضله الإيماني.
- أن تشعر بمحبة الله لما في هذا الشهر من فرص عظيمة.
- أن تدرك أثر تدبر القرآن في يقظة القلب.
مهارية:
- أن تعدّ جدول متوازن للعبادات والعمل.–
- أن تنفّذ ختمة تدبرية للقرآن الكريم.
- أن تتخلص من عادة سلبية.
معرفية:
- أن تذكر فضائل الشهر الكريم.
- أن تحدد أولويات العبادة في رمضان.
- أن توضح أهمية تدبر القرآن.
مخرجات التعلم الموازي:
- وجداني: أن تقدر قيمة التعاون والعمل الجماعي.
- مهاري: أن تعزز مهارات يدوية وفنية.
- معرفي: أن تذكر أهمية الوقت وأهمية احترامه.
مخرج أداء: القدرة على استثمار رمضان بالشكل الأمثل عبر تطبيق عملي للعبادات، وإدماج روح التطوع والالتزام بالتغيير السلوكي.
بلغ عدد الأنشطة السبع أنشطة تسلسلت في لقاء تعلميّ حضوريّ واحد، واستُخدمت فيها أنشطة تزامنية اعتمدت على التفاعل المباشر، من خلال ألعاب وأسئلة جماعية، مشاهدات تحليلية، حوار تأملي، إنتاج جداول تطبيقية، وصناعة يدوية فنية. رُتبت الأنشطة بتسلسل منطقي ينتقل من تهيئة وجدانية وفكرية، إلى تعلّم نشط وتحليل، ثم إلى ربط وتأمل، وانتهاء بإنتاج فني واختتام وجداني. هذه البنية ساعدت على الحفاظ على الطاقة والانتباه، وتنوع الأدوات عزز التفاعل دون ملل.
تسلسل الأنشطة
اولًا طرحت أ.أماني سؤالًا على مجموعة الواتس اب: كيف هو استعدادنا لاستقبال شهررمضان المبارك؟ لتهيئة النفوس واستثارة الهمم لهذا الشهر الفضيل .
النشاط الافتتاحي: بدأت بلعبة خفيفة باستخدام الكرة لتحديد الطرف المجيب على السؤال التالي: ماذا يعني لي رمضان بكلمة واحدة وذلك بعد تهيئة الفتيات لهذه البداية بدعوتهن للتفكير والصدق مع النفس في الإجابة مهما كانت حتى لو كان يعني لهم مزيد من النوم والراحة …تعددت الاجابات بينرمضان يعني لي الصبر … الرحمة.. القرآن ..الدعاء وكذلك الصدقات. بعض من الفتيات أجبن رمضان يعني لي الطعام اللذيذ وبعضهن أجاب رمضان يعني لي الحلوى..
وبعدها تم طرح السؤال التالي: لماذا حديثنا عن رمضان ولما يأتي رمضان بعد؟ وما أهمية هذا الشهر الفضيل؟ بعد تلقي إجابات متعددة عن ضرورة الاستعداد لهذا الشهر الكريم كأي ضيف عزيزنتهيأ لاستقباله بأخذ الترتيبات اللازمة وتمرين النفس على الطاعة ّوالعبادة والقرب من الله تعالى, وأهمية الاستعداد تنبع من أهمية الشهر الفضيل عند الله، وعظيم أثره على العبد فهو دورة إيمانية مكثفة يربي الله فيها العبد على طاعته ومحبته ورضاه، وثمرة هذه الدورة هي حصول العبد المؤمن على صفة المتقين التي ختم الله بها آية الصيام: يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون.(سورة البقرة183). شهر رمضان، شهر الصيام والقيام َّ وتلاوة القرآن، شهر العتق والغفران، شهر الصدقات والإحسان، شهر تفتح فيه أبواب الجنات، وتضاعف فيه الحسنات، وتقال فيه العثرات، شهر تجاب فيه الدعوات، وترفع فيه الدرجات، وتغفر فيه السيئات.
الفيديو القصير: بعد ذلك تم عرض فيديو قصير وقد أشارت أ.أماني قبل العرض إلى ضرورة الانتباه إلى بعض الكلمات المفتاحية في الفيديو التي تخص جلستنا “رمضان يغيرني”. الفيديو كان لشابة تسرد قصة اسلامها وكيف أنها صامت في رمضان قبل نطقها بالشهادة وحديثها عن مشاعرها العميقة وإيمانها القوي و اعتزازها بهويتها الاسلامية الجديدة ,وبعد مشاهدة هذا المقطع طلبت من الفتيات التخمين لسبب اختيار هذا الفيديو وكانت الاجابات مختلفة بين محاولة الصوم قبل رمضان وكذلك اعتمادها الدعاء لله عز وجل وتأثرها الشديد برحمة هذا الدين ورحمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في قصة الطائف. لمست أ.أماني الأثر الكبير الذي حققه هذا الفيديو في استثارة مشاعر الفتيات وتأثرهن
وجدانيًّا.
مشكلة وحل: بعد ذلك قامت أ.أماني بتوزيع بطاقات مكتوب عليها مشاكل معينة تحتاج حلًا: أحب النوم جداً ولا أقاوم إغرائه رغم رغبتي بقيام الليل. كيف لي إلى ذلك سبيلا؟ ( ُسردت بالصيغة الاستفهامية). وكذلك أسمع كثيرا عن الذكر وفضله ً
وأعلم انه لا يكلف كثيراً وأنه من أسهل العبادات ولكن لا أستطيع الزام نفسي به. كيف لي إلى ذلك سبيلا؟ وزعت أ.اماني البطاقات بشكل عشوائي وكل متعلمة لها الخيار بعد قراءة السؤال إما بالاجابة بنفسها أو توجيه السؤال إلى إحدى الفتيات الراغبات بذلك. وقد مهدت هذا الأسئلة للنشاط الرئيسي.
النشاط الرئيسي:
أولًا: زيادة الجاهزية
تم تقسيم المتعلمات إلى مجموعتين، وبعدها عملت على تهيئة المتعلمات وتحفيزهن للنشاط، الذي يحتاج طاقة مرتفعة وحماس عالٍ.
طلبت أ.أماني من المجموعتين مشاهدة مقطع فيديو يستعرض أفكارًا للتغيير في رمضان، وطلبت من كل مجموعة محاولة استخراج أكبر قدر من الأفكار وتصنيفها في جداول أو مخططات عمل. وحفزت المجموعات على عمق التحليل لهذا المقطع لما فيه من محاور مختلفة ستبنى عليها أعمالنا في رمضان، وستكون بإذن الله أساس التغيير. وأكدت أنه على كل مجموعة أن تبدع بعرض القسم الخاص بالطرقة التي تختارها.
ثانيًا: تيسير النشاط
تم ضبط الوقت لمدة 30 دقيقة، قامت فيه الميسرة بـالإشراف على سير العمل وتفاعل الطالبات مع النشاط، والإجابة عن أسئلتهن واستفساراتهن عن طريقة التعامل مع مُعطيات الفيديو وإسقاطها على الواقع لتصبح برنامج عمل يسهل تطبيقه في رمضان، وكذلك عملت على تحفيز الإسقاطات الجيدة والمميزة. عملت الفتيات خلال هذه المرحلة على تحديد الأفكار الأساسية التي سيتم استخلاصها والعمل عليها.
الأفكار الأساسية المستخلصة شملت:
- التعامل مع رمضان كأنه معسكر تدريبي: ندرب أنفسنا فيه على الصبر والتحمل وضبط انفعالاتنا والتحكم بمشاعرنا. وكذلك نهتم فيه بتحسين صحتنا ويزداد شعورنا بالآخرين، ولا بد فيه من القيام بالعبادة على أتم وجه من قيام الليل والقرآن والدعاء والصدقات… إلخ.
- نحمي أنفسنا من السرقات: كـالسوشيال ميديا وما يتبعها من مسلسلات وأغانٍ وأفلام وغيرها، والنوم، والمبالغة في المطبخ وما يترتب عليه من مسؤوليات…
- ثلاثية (خلل – هدف – خطة).
وهكذا كانت الأفكار المستخلصة تتضمن الجانب النفسي من جهة والجانب التعبدي الروحي والجانب الصحي والاجتماعي. وتم تمثيلها في لقاء التعلم بعمل جداول للممارسات التعبدية اليومية وأخرى لمقاومة الخلل ومحاولة التصحيح للبدء بالتغيير.
بعد ذلك تم استعراض عمل المجموعات وتحفيزها على المشاركة والمساهمة بعرض مضمونها. أبدعت المجموعات بـاستخلاص وعرض الأفكار وتبيان المشاكل وافتراض بعض الحلول وعرضها بطرق مختلفة كلعب الأدوار والتيسير المُصغَّر.
المراجعة النشطة
يسرت أ.أماني التأمل والتفكر بما تم مداولته خلال فترة النشاط لتحقيق مخرج التعلم وتثبيت عملية التعلم، وذلك من خلال طرح مجموعة من الأسئلة التأمليّة:
ما الأثر الذي تركه هذا النشاط في نفسك؟
أكدت أغلب الفتيات على تأثير هذا الفيديو وتحفيزهن على التغيير، وأن تكون هذه الجلسة نقطة تغيير وانطلاق نحو الأفضل إن شاء الله.
ما الذي تنوين عمله بعد هذا النشاط؟
كانت أكثر الإجابات: “أنوي إعداد جدول أُلْزِمُ فيه نفسي على تحقيق الحد الأدنى من العبادات من صلاة وقيام وذكر وصدقات وعمل تطوعي، ولن أنسى الاهتمام بصحتي.”
كيف ستتجهزون نفسيًا وروحيًا لاستقبال هذا الشهر الكريم؟
شعرت أغلب الفتيات بضرورة التجهز من الآن لاستقبال هذا الشهر الكريم، كاللاعب الذي يتهيأ لدخول مباراة أساسية هامة؛ إن لم يأخذ بـأسباب الاستعداد والتهيئة قبلها لن يتمكن من الفوز بها. حيث ذكرن ضرورة البدء بتحديد وِرْد قرآني يومي وأكدن على ضرورة الالتزام بأذكار الصباح والمساء وضرورة الالتزام بالصلاة وعدم التهاون بـأدائها.
ما أكثر المشاكل التي استطعتِ أن تضعي يدك عليها وما الحلول لهذه المشاكل التي توصلتِ لها ويمكن تطبيقها؟
كانت المشكلة الأكبر عند الفتيات موضوع سماع الأغاني وهدر الوقت في متابعة المسلسلات. وبفضل الله، قد تَيَقَّظْن لهذه المشكلة وعقدن العزم على محاولة التغيير التدريجي لهذا الأمر بعد الوعي بـخطورته.
نشاط مُنشِّط (لعبة الأسئلة):
وبعد هذا النشاط الذي تعمَّقت فيها الفتيات وغُصْنَ بالأفكار الإيمانية والجداول التحضيرية، يست أ.أماني نشاط يُحفِّزهن ويقوِّي عزائمهن للاستمرار بالتطبيق والعمل على تلك الأفكار، وهو لعبة الأسئلة المرحة التيعُرِضَت على الشاشة تباعاً. دعيت متطوعة للإجابة على السؤال الأول، وبعدها تختار صديقة لها للإجابة على السؤال الذي يليه، وهكذا تمت الإجابات على الأسئلة المرحة في جو ملؤه الفكاهة والمتعة.
نشاط يدوي فني (عمل هلال رمضان):
قامت الميسرة بتهيئة الطالبات وتحفيزهن للنشاط اليدوي، وهو النشاط الفني المتعلق بعمل هلال رمضان أو زينة رمضان، حيث وُزِّعت الأدوات على الفتيات وأُرشدن للتعليمات الأساسية الضرورية للعمل والتحضير.
وقد تمت متابعة العمل والإشراف على الأداء وتقديم المساعدة لمن يحتاج من كلتا المجموعتين. وقد تَمَّ العمل بنشاط وهمة وتعاون وجو ملؤه المحبة والأمل بانتظار هذا الشهر الكريم. وقد أبدت الفتيات سروراً وفرحاً بهذا النشاط، وكان الحماس شديداً حيث عَبَّرْن عن شعور عميق بأن هذا الذي صنعنه بأيديهن سيكون مُحفِّزاً لهن على التغيير كلما نظرن إليه.
نشاط الربط والتلخيص:
عددت المتعلمات ما قمنا به وما عايشنه واستخلصنه من دروس مستفادة وخطط مستقبلية، حيث تجدد الحديث عن رمضان شهر الخير وشهر القرآن، شهر تُؤدَّى فيه العبادات حيث يَشْعُرْنَ بالإعانة والتوفيق والتيسير، وعلى رأسها الصلاة وفي رحلتنا مع القرآن، حيث ترافقهن سكينته ويَطمَئِنِّينَ بقربه، حيث الغاية والمبتغى في تدبره وفهم معانيه والعمل بأوامره. وكذلك الدعاء وأهميته، فهو العبادة الأساسية المركزية في رمضان، حيث أُكِّدَ على الفتيات أن من العلماء من ذكر أن ذِكر آية (وإذا سألك عبادي عني…) مباشرة بعد آيات الصوم دلالة مباشرة على ارتباط الصوم بإجابة الدعاء.
النشاط الختامي:
عُرِضَت عبارة مكتوب عليها: “أعاهد نفسي إن شاء الله على أن أركب سفينة التغيير وأشارك في هذه الرحلة وأستعين بالله بالدعاء والالتجاء، وسيكون شعاري: لن يسبقني إلى الله أحد، وسأسعى أن أكون إن شاء الله من المتقين.” ودعيت المتعلمات لمعاهدة انفسهن على القيام بذلك.
تطبيق مجالات إطار FIRSTedu-ADLX
– التركيز على المتعلّم
تم تفعيل هذا المجال من خلال التعامل مع كل متعلمة بوصفها حالة فريدة تستحق المتابعة، فقد حرصت الميسّرة على تكرار كلمات المتعلمات وإبداء الاهتمام بما يشاركن به، مما عزز شعور التقدير والخصوصية. كما تم اعتماد أساليب تعلم مفضلة لديهن مثل الفيديوهات والأسئلة المحفزة. وقات الميسرة باستخدام اسئلة مفتوحة للسحب من المتعلمات ولإتاحة المجال للنقاش. كما أعطت الفرصة للمشاركات لقيادة الفقرات ومناقشة مشاكل واقعية وتعاملت معهن كشركاء في بناء التجربة.
– التفاعل الإيجابي أثناء تجربة المعايشة
ساهم تقسيم الطالبات إلى مجموعات عمل في بناء أجواء تفاعلية داعمة، حيث تعاونت كل مجموعة على تحليل محتوى الفيديو وتصميم الجدول العملي، وتم تشجيعهن على عرض أعمالهن بأساليب إبداعية مثل التيسير المصغر ولعب الأدوار. جُسدت الروح الإيجابية من خلال بيئة آمنة سمحت بالتعبير الحر عن التحديات الشخصية دون تردد، إلى جانب المزاح البنّاء والتشجيع المستمر. كما حرصت الميسّرة على التحفيز اللحظي والتغذية الراجعة اللفظية، مما حافظ على انتباه المشاركات ودافعيتهم طوال الجلسة.
– مراجعة الأنشطة باستخدام نموذج RAR
تم تطبيق نموذج RAR في أنشطة التعلم كما هو موضح في القسم السابق، حيث بدأت الميسرة بالمرحلة الأولى وهيأت المتعلمات وجدانيًّا وذهنيًّأ وجسديًّا وروحيًّا. أما مرحلة التيسير فقد تضمنت إشرافًا مرنًا يراعي وقت العمل ويعزز الإبداع الجماعي. وفي مرحلة المراجعة النشطة، دُعيت المتعلمات إلى التأمل عبر أسئلة عميقة قادت إلى وعي ذاتي، وتحديد نوايا عملية لما بعد الجلسة. كما تم تفعيل الحواس المختلفة في المراجعة النشطة، مثل المناقشة الجماعية، والتمثيل، وإنتاج جداول ملهمة.
– التسلسل والانسيابية أثناء تجربة المعايشة
بدأت الجلسة بسؤال بسيط وبصيغة شخصية: “ماذا يعني لكِ رمضان؟”، ليفتح باب التعبير والانخراط الوجداني. هذا السؤال قاد بسلاسة إلى التساؤل حول أهمية الشهر، ثم إلى مشاهدة فيديو يعكس تجربة واقعية مؤثرة. تلته أنشطة تحفيزية وأسئلة مسابقة قبل الانتقال إلى النشاط المركزي. وبعده، جاء النشاط الفني ثم الربط والتلخيص. هذه الانسيابية في التنقل من نشاط لآخر حافظت على التركيز والاهتمام، بينما تكررت المفاهيم الجوهرية مثل: الاستعداد، التغيير، تدبر القرآن، والنية، دون ملل، بل بأساليب متنوعة ومتجددة.
تسلسل أنشطة اللقاء
– تحويل التعلّم إلى أداء واقعي ملموس
كان جوهر الرحلة هو التغيير الفعلي في رمضان، وقد حرصت الميسّرة على أن تُنتج كل متعلمة جدولًا شخصيًا ينبع من واقعها وتحدياتها. تم استحضار مشاكل واقعية (مثل إدمان السوشيال ميديا، أو الكسل عن القيام)، وتم تصميم خطط بديلة للتعامل معها. هذه الخطط لم تكن نظرية، بل عكست نية واضحة نحو التطبيق العملي، خاصة مع التفاعل الجماعي والدعم المتبادل بين الطالبات. كما تم تحفيزهن على تعليق ما أنجزنه ليكون محفزًا بصريًا طيلة الشهر. وبذلك، تحوّلت التجربة من جلسة معرفية إلى نقطة انطلاق حقيقية نحو تغيير سلوكي وروحي في رمضان.
الختام والتأمل
أثر الرحلة على المشاركات:
عبّرت الطالبات عن سعادتهن العميقة بعد الجلسة، وشعرن بأن الورشة كانت نقطة انطلاق حقيقية نحو التغيير في شهر رمضان. بعضهن وصف التجربة بأنها “محطة قلبية” ساعدتهن على استشعار قيمة الوقت، وأهمية النية، وضرورة التدرج في إصلاح العادات. تكررت عبارات مثل: “سأبدأ من الآن بوضع جدول واقعي”، “أشعر أنني لست وحدي في هذه التحديات”، و”أخيرًا وجدت محفزًا يجعلني ألتزم دون ضغط”. كما لمست الميسّرة الأثر من خلال تعليقات الطالبات التي وصلت بعد اللقاء، والتي عبرت عن استمرار التفكير بالتجربة والرغبة بمزيد من الجلسات التفاعلية بهذا المستوى.
أثر الرحلة على الميسّرة:
عكست هذه الرحلة على الأستاذة أماني وضوحًا في الرؤية وأمانًا في التيسير، إذ لاحظت كيف ساعدها إطار FIRST-ADLX في تصميم تجربة متكاملة تدمج بين العمق الروحي والتطبيق العملي. أدركت أن التعلم الحقيقي لا يكون فقط في إيصال المعلومة، بل في بناء المناخ النفسي الآمن، وصناعة المعايشة المشتركة. تأملت كيف تغيّرت نظرتها للتعليم من تلقين إلى تشاركية، ومن منهج إلى معنى. كما شعرت بقوة الأثر الذي يحدث حينما تُتاح للمشاركين مساحة التعبير، والاختيار، والمبادرة.
أبرز ما خرجت به من هذه التجربة هو الإيمان بأن كل متعلّم يحمل في داخله بذور التغيير، وما يحتاجه فقط هو من يُعينه على استنباتها. كما أدركت أن تسلسل الأنشطة، والانتباه للتغذية الراجعة، وتحويل كل لحظة إلى معنى، هو ما يترك الأثر الحقيقي.
أثر الرحلة على المجتمع المحيط:
رغم اقتصار الجلسة على مجموعة من الطالبات، فإن الميسّرة تأمل أن يُثمر هذا التغيير الفردي في بيوتهن ومحيطهن، وأن يكون رمضان هذا العام بداية لامتداد أوسع، سواء من خلال مشاركة خططهن مع أسرهن أو تكرار هذه التجربة مع مجموعات أخرى من اليافعات.
في ختام هذه التجربة، تتوجه الأستاذة أماني بالشكر العميق لرحلة FIRSTedu وللميسّرات اللواتي رافقنها، وتدعو الله أن يكون هذا العمل خالصًا لوجهه، وأن يكتب له القبول والتأثير.