نبذة عن الميسر والمتعلمين
الأستاذ حسام محمد عبد الستار، مدرّس مصري يقيم بالقاهرة، متخصص في تعليم القرآن الكريم والعلوم الشرعية. يمتلك أ.حسام خبرة واسعة في مجال التدريس، ويشتهر بقدرته على تبسيط المفاهيم الدينية للأطفال.
في هذا اللقاء، قام الأستاذ حسام بتيسير مجموعة من الأنشطة لمجموعة من عشرة طلاب وطالبات في الصف الثاني الابتدائي، تناول اللقاء القيم الأخلاقيّة انطلاقًا من سورة القلم.
موضوع اللقاء ومخرجات التّعلم
جسد اللقاء تيسيرًا لبعض صور التربية الأخلاقية في سياق سورة القلم، وتم تصميم مخرحات التًعلم الأساسيّة لتحقيق هذه الغاية، فجاءت المخرجات الأساسيّة على الشكل التّالي:
مخرجات التعلم الأساسيّة
المخرجات الوجدانية
- يؤمن بأهمية البيئة والصحبة الصالحة في التخلق بالأخلاق، ويحرص عليها.
- يجاهد نفسه على بعض الأخلاق الحميدة، ويسعى للتحلي بها، ويقيِّم نفسه فيها.
- يستقبح بعض الأخلاق، وينفر منها، مثل معاصي اللسان والبخل ويقيِّم نفسه فيها.
- يقدر قيمة الأخلاق بالنسبة لمجتمعه، ويتبنى نشرها فيه.
المخرجات المهارية
- يناقش ويُدلل على أهمية الأخلاق الحميدة لنجاح المجتمعات.
- يربط الآيات التي تمَّت مدارستها بمواقف حياتية مختلفة.
- يحبس نفسه عن رد الإساءة بالإساءة.
المخرجات المعرفية
- يعرّف مفهوم بعض الأخلاق الحميدة وما يضادها.
- يعدّد ويروي بعض قصص الأخلاق وأسباب النزول المرتبطة بها.
مخرجات التعلم الموازية
متأثرًا بما عايشته في رحلات فيرست، لم أكتف بتصميم مخرجات التعلم الرئيسة بل اعتنيت أيضًا بتصميم المخرجات الموازية بأنواعها الثلاث.
المخرجات الوجدانية
- يحرص على النظافة في أمور طعامه.
المخرجات المهارية
- يستخلص العِبَر من المواقف الحياتية المختلفة والأشياء المحيطة به.
- يمارس بعض مهارات الطبخ ويضبط مذاق الطعام.
المخرجات المعرفية
- يخبر على زنمة الشاة.
مخرجات الأداء
أما مخرجات الأداء فتمثلت في أن…
- ينتهي المتعلم عن الغيبة والنميمة والتنمر على زملائه بالأخص.
- يصاحب الصالحين ويبتعد عن بيئات السوء.
تعريف بقصة التطبيق
بعد الترحيب بالمتعلمين، دعوتُهم للمشاركة فينشاط الجَزَر (مرحلة زيادة الجاهزيّة)، فقمنا (مرحلة التيسير) بغسله وتقطيعه نصفين، فريق يبشره وفريق يقطعه كقطع المخلل، وبعد ذلك طرحنا سؤالاً: ماذا لو وضعنا هذا الجزء في ماء وملح؟ والجزء الآخر في ماء وسكر مع بعض العمليات مثل الغلي؟ توقفوا قليلاً ثم أجابوا بأن الأول سيصبح مخللًا أما الثاني فلا يعرفون ماذا قد يحدث له، فقمنا بوضع الجزر المبشور في الماء وغليه حتى تحول إلى مربى، عندها قاموا بتذوقه وأدركوا في هذه المرحلة (مرحلة المراجعة النّشطة) أن الجزر يتحول إلى مربى إذا اختلط بمكونات معينة، وتعرض لعملية معينة، بينما قد يتحول إلى مخلل إذا اختلط بمكونات مختلفة، وتعرض لعملية مختلفة. بعدها تأملنا فيما حدث، نفس الجزرة خرج منها الحلو والحادق، وأسقطنا التجربة على النفس البشريّة، فسألتُ المتعلمين سؤالاً تأمليًّا: هل فينا مَن هو مثل الجزرة؟ وتم سحب الإجابات بأن الإنسان لو وضع نفسه في بيئة طيبة سيكون طيب الصفات مثلها، ولو وضع نفسه في بيئة خبيثة سيكون خبيثًا مثلها.
أتْبَعتُ السؤال الاول بسؤال آخر فسألت: ماذا لو لم نضع الجزر المبشور على النار، هل سيتغيَّر؟ الإجابة لا؟ إذًا هو تغير عندما غلى الماء به، وهكذا أخلاق الإنسان تتغير عند الشدائد والأزمات، فمنهم من يخرج منه أخلاق جميلة- ومنهم العكس.
وبعدها انتقلنا إلى نشاط آخر، فوزعت الأوراق، وشاركت التعليمات، وتأكدت من جاهزية المتعلمين للانتقال إلى نشاط آخر يتطلب مستوى مختلف من الطاقة والتركيز، بعدها سحبت الصفات المذمومَة التي ذُكرت في سورة القلم، وتم حصرها في عمود في ورقة خارجية، ودعوت المتعلمين لتقييم أنفسهم فيها بالعمود المجاوِر. قام المتعلمون بالمهمة بشكل فرديّ قبل أن يشاركوا ويتأملوا فيما لاحظوه في مرحلة المراجعة النّشطة.
وقد أردفت سؤالاً حول كيفية التخلص من هذه الطباع غير المرضية، ودعوت المتعلمين لتقديم نصيحة لمَن فيه صفة يود التخلص منها.
تبادل المتعلمون الأفكار والنصائح بينما قمت بجمع الإجابات والبناء عليها وصولاً لسحب أهمية الصحبة الجيدة والبيئة الصالحة التي يأخذ منها الإنسان أخلاقَه الصالحة.
للقيام بالنشاط الثالث، توجهنا إلى المطبخ حيث دعوت المتعلمين لغسل أكواب فيها بقايا قهوة. قام المتعلمون بغسل الأكواب في جو من الألفة والمرح. بعدها قمنا بالمراجعة النشطة، فسحبت منهم ما جرى عندما سلطنا الماء على الأكواب حتى استخلصوا الدروس المستفادة من النشاط:
- تتغير الأكواب وتصبح أكثر نظافة عندما نصبر بينما نسلّط الماء عليها حتى يذهب كل ما فيها من أوساخ.
- الإنسان مثلها يتغَيَّر ولكن عليه الصبر في اكتساب أي خُلُق أو التخلص منه.
أثناء التيسير، سأل الأولاد عن معنى كلمة زنيم في سورة القلم،فقمنا ببيان عملي على شاة في الرعاية بالمدرسة، وشرحنا الخلق السيء للأخنس بن
شريق من كونه دعيٌ في قومه وزائد على قبح خُلُقه قبح خلقته، محققًا في هذا النشاط مخرجًا موازيّا ومدعمًا المخرجات الأساسيّة في آن معًا.
في النشاط التعلميّ التالي، سحبت بعض الأخلاق الطيبة التي ينبغي أن يتحلى بها الإنسان حتى يكون على خلقِ عظيم قبل أن أقدم عرضًا مصغرًا تناولت فيه “وهنا مثلناها أمام نخلة؟” مع شرح حديث ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها وإنها مثل المسلم؛ فحدثوني ما هي؟” فوقع الناس في شجر البوادي، قال عبد الله: ووقع في نفسي أنها النخلة، فاستحييت، ثم قالوا: حدثنا ما هي يا رسول الله قال: «هي النخلة». رواه البخاري.
وعندما انتهيت من العرض المصغر، انتقلت إلى المراجعة النشطة حيث سحبت الدروس المستفادة من النخلة:
– تظهر أخلاق النخلة عند الشدائد وهبوب الرياح.
-أوراق النخلة هينة لينة سهلة مع الريح، وهكذا المؤمن هين لين سهل مع ذكر مواقف على هذه الأخلاق.
– ساق النخلة ربما ينحني لحكمة وتواضع؛ لأن أعلاه ثقيل بالثمر، وهكذا المؤمن حكيم متواضع.
– جذر النخلة أصيل وقوي، وهكذا المؤمن يتخلق بالشهامَة والمروءَة والقوة.
– وإذا قذف أحدٌ النخلة؛ فإنها لا تلقي عليه إلا الطيب من الثمر، وهكذا المؤمن إذا خاطبه الجاهل قال: سلامًا، ولا يرد الإساءَة بالإساءَة، ولا يكافيء من عصى الله فيه بأكثر من أن يطيع الله فيه.
بعدها قمنا بنشاط ربط وتلخيص بعنوان “صندوق المجوهرات وسلة المهملات”. تسلم المتعلمون بطاقات فيها مواقف حياتية تدل على أخلاق محمودة أو مذمومَة، وطُلب منهم تقييمها، ووضع الصالح منها مع التعريف به في صندوق المجوهرات والعكس في سلة النفايات والمهملات.
وفي الختام وللتأكد من تحقق مخرجات التعلم قمنا بمشاركة نشاط مهمة بعنوان “حبل الغسيل”: حيث يقوم كل طالب باختيار بطاقة من صندوق المهملات، ينشرها على حبل، ويبحث في مختصر موسوعة الأخلاق أو يُجري جمعًا للحلول المفيدة في التخلص من هذا الخُلُق في نطاق المدرسة والبيت ، على أن يأتينا بالحل في بطاقة نعلقها بالبطاقة التي بها الخلق المذموم، ونفعل ذلك لغاية عظيمة هي الدعوة والمساعدة في التخلص من هذه الأخلاق المذمومة.
تطبيق مجالات إطار FIRST-ADLX
حرصت خلال هذا اللقاء على تطبيق إطار فيرست في التصميم كما في التيسير، وذلك عبر مجموعة من الأنشطة والاجراءات أشارككم بعضها.
- مجال التركيز على المتعلم:
لتطبيق هذا المجال قمت ب….
- تقسيم المجموعات بناءً على حروف أسماء المتعلمين.
- دعوتهم باستمرار لمشاركة معلوماتهم وخبراتهم وتجاربهم
- السؤال عن إحساسهم ورأيهم في كل جديد
- التأكد من مشاركة كل متعلم في المهام المختلفة من التقشير والتقطيع والبَشر والغسل والتذوق.
- الثقة بهم لمشاركة الدروس المستفادة وقيادة بعض الأنشطة
- مجال التفاعل الإيجابي أثناء تجربة المعايشة:
تطبيقًا لهذه المجال، تأكدت من …
- المحافظة من بداية اللقاء على الروح المرحة فكلما قال أحدهم ما يُمازِح به الميسر أو زملائه شاركه الميسر بما يفيده بشكل مَرِح غير مُخِل.
- تقسيم المتعلمين إلى مجموعتين وتقسيم المهام وتوزيع الأدوار لفترة محددة على الجميع ثم تبادل المهام بعد انتهاء الفترة.
- التنقل بين المتعلمين، والحرص على تفاعل الجميع خلال تيسير الأنشطة.
- مجال مراجعة الأنشطة حسب نموذج RAR:
احترمت في أنشطة التعلم كافة المراحل الثلاثة لنموذج رار (زيادة الجاهزيّة- تيسير النّشاط- المراجعة النّشطة) كما تم التوضيح سابقًا.
- مجال التسلسل والانسيابية خلال تجربة المعايشة:
ربما يكون تطبيق لهذا المجال مجتزءًا؛ لأنني ركزت على أنشطة التعلم، ولم أصمم أنشطة معايشة باستثناء نشاط الربط والتلخيص، إلا أنه وبالرغم من غياب النشاط الافتتاحي والنشاط المنشط والنشاط الختامي، أعتبر أنني حققت هذا المجال عبر تنويع الأنشطة وتغيير هيئة المتعلمين وتجزئة الأهداف وتوزيعها على الأنشطة مما ساهم في تسلسل اللقاء وانسيابيته.
- مجال تحويل التعلّم إلى أداء واقعي ملموس:
في مرحلة المراجعة النشطة لكل نشاط من أنشطة اللقاء، كنا نجري إسقاطًا للدروس المستفادة على حياتنا، ونشارك خطوات عملية مستقبلية تساعدنا للتحسين من أنفسنا، بالإضافة، إلى الحرص على استخدام أمثلة وقصص من واقع المتعلمين وحياتهم اليومية للاستشهاد والاستدلال والتقييم.
أثر تطبيق إطار FIRST-ADLX
على الميسر:
كنت في هذا اللقاء أكثر وعيًا باحتياجات المتعلمين وطبيعتهم وميلهم للتفاعل والحركة والمشاركة ، كما كنت أكثر اطمئنانًا حول استدامة أثر اللقاء -بإذن الله- في نفوس المتعلمين؛ لأنني أخذت بالأسباب الواقعيّة العلميّة العمليّة لحدوث هذا الأثر، ألا وهي تطبيق مجالات الإطار.
وخرجت من اللقاء مدركًا لأهمية مراعاة حال المتعلم واحتياجاته وأثر ذلك في قبوله للتعلم وبقاء أثره في خبرته التعلمية، بالإضافة لأهمية العمق في التجربة والارتكاز على الوجدان في تبني القيم لدى المتعلم. وأرى أنني أحتاج للمزيد من التفكير في تصميم الأنشطة راجيًا بقاء الأثر في نفوس المتعلمين، كما أستشعر الحاجة لتبادل الخبرات ومناقشة البدائل مع غيري من ميسري فيرست لتعديل بعض الأمور في التصميم.
على المتعلمين:
كان انطباع المتعلمين إيجابيًأ، وطلبوا تكرار هكذا لقاءات، ونزول المطبخ والخروج من الفصل لأداء أنشطة مشابهة، كما نقلوا ما عايشوه لزملائهم في الصفوف الأخرى.
والحمد الله تغيرت بعض سلوكيات الأولاد مثل التنمر وبعض آفات اللسان وهو ما تم رصده من الأهل بعد فترة من معايشة التجربة.
على المدرسة أو المجتمع:
كما رصد الأهل بفضل الله، تأثر الأولاد أخلاقيًا بعد مدارسة السورة وما معها من أنشطة مرتبطة بها في المنزل بالكلام عمَّا جرى خلال اللقاء والهدوء في المعاملة بعد العصبية الشديدة.
وفي الختام، الحمد لله الذي هدانا لهذا، وجزى الله كل من علمنا خيرَ الجزاء، وجعل هذا في ميزان حسناته.